فالصواب في المقام هو التفصيل بين الادوات.
بيانه : (ليس ولا يكون وخالا وحاشا وعدا) تدل بالمفهوم على حكم مستثنى واما نحو (الّا وغير) فيدلان بالمنطوق على حكمه أي حكم المستثنى. والسر في ذلك ان في الاول ضميرا مستترا هو اسم الاولين وفاعل الثلاثة الاخيرة وهو يرجع إلى المستثنى منه باعتبار بعضه ، مثلا إذا قيل (اكرم العلماء ليس زيدا) أي ليس بعض العلماء زيدا ، فيصير في قوة ان يقال (اكرام العلماء غير زيد واجب) فكلمة ليس تقتضي تضييق دائرة موضوع سنخ حكم المستثنى منه ولازم التضييق المذكور انتفاء سنخ الحكم عن المستثنى ، لان مفاد الاداة نفي حكم المستثنى منه عن المستثنى. وهذا معنى المفهوم. بخلاف (الا وغير) فانهما لا يوجبان تضييق دائرة موضوع سنخ حكم المستثنى منه لكونهما خاليين عن الضمير الكذائي ، لكون الاول حرفا والثاني جامدا ، وكلاهما خاليان عنه.
في (إنما)
قوله : ومما يدل على الحصر والاختصاص ...
(إنما) بكسر الهمزة ، وذلك لتصريح اهل اللغة بذاك اولا ، وهو حجة لنا ويعدّ من علائم الحقيقة ، كما ان عدم التصريح والتنصيص علامة المجاز. وثانيا لتبادره منها قطعا عند اهل العرف والمحاورة ، مثلا إذا قيل (انما زيد قائم) فيتبادر منه حصر وصف زيد في القيام ، أي ليس له وصف آخر غير وصف القيام ، وإذا قيل (انما قائم زيد) فيتبادر منه حصر القيام لزيد ، أي ليس وصف القيام لعمرو وبكر مثلا.
ودعوى ان الانصاف انه لا سبيل لنا إلى التبادر المذكور ، فان موارد استعمال هذه اللفظة مختلفة في العرف السابق ، إذ قد تستعمل في قصر الافراد إذا اعتقدت كون زيد وعمرو قائمين ، فيقال حينئذ (انما زيد قائم) ، وفي قصر التعيين إذا اعتقدت كون زيد اما شاعرا واما قائما فتقول حينئذ (انما زيد قائم) ، أي ليس بشاعر ، فهي