في هذه الموارد المذكورة استعملت في القصر والحصر ، إمّا في قصر الموصوف على الصفة إذا قدّم الموصوف على الصفة ، وامّا في قصر الصفة على الموصوف إذا قدّمت عليه ، لان المحصور فيه بكلمة (ما) و (إلّا) انما يكون بعد الّا دائما ، مثلا إذا قيل (ما زيد إلّا شاعر) فينحصر وصفه بالشاعر ، أي ليس له وصف آخر وإذا قيل (ما شاعر الا زيد) أي ليس الشاعر غير زيد فينحصر عنوان الشاعرية بزيد فقط ، وقد تستعمل هذه الكلمة في التعريض نحو قوله تعالى : (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)(١) فانه تعريض بان الكفار من فرط جهلهم كالبهائم.
فطمع النظر والتأمل في الحقائق منهم كطمعه من البهائم ، ولا يعلم باللفظ الذي يراد منها في اللغة الفارسية ليرجع اليها حتى يستكشف من اللغة الكذائية المعنى الذي يتبادر من مرادفها من الحصر أو غيره ، غير مسموعة ، وهذا خبر الدعوى ، فان السبيل إلى التبادر لا ينحصر بالانسباق إلى أذهاننا ، فان الانسباق إلى أذهان اهل العرف العام ايضا سبيل واضح إلى التبادر كالانسباق إلى أذهاننا بلا فرق بينهما من هذه الناحية ، بل يقال لا حاجة إلى وجدان مرادفها في عرفنا اليوم بعد وضعها للحصر لغة.
ومما يفيد الحصر والاختصاص كلمة (ان) النافية و (إلّا) الاستثنائية نحو قوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا)(٢).
في (بل) الاضرابية
وربّما يعد مما دلّ على الحصر كلمة بل الاضرابية مثلا إذا قيل (جاءني زيد بل عمرو) وهو يدل على نفي المجيء عن المضرب عنه ، وهو (زيد) واثباته
__________________
(١) سورة المؤمنون ، آية ٣٧.
(٢) سورة الرعد ، آية ١٣.