للمضرب اليه وهو (عمرو) فيدل على اختصاصه به وعلى حصره فيه إذا كان المتكلم في مقام الردع والابطال ، فيصير في قوة ان يقال (انما الجائي عمرو) ولكن التحقيق ان الاضراب على أنحاء اربعة :
منها : كون الاضراب لاجل اتيان المضرب عنه في الكلام غفلة وسهوا نحو (خرج زيد بل عمرو) فذكر زيد بلا قصد.
ومنها كون الاضراب لاجل اتيان المضرب عنه فيه بسبب سبق اللسان وغلطا نحو (اشتريت زيدا بل فرسا).
ومنها كون الاضراب لاجل تأكيد الحكم نحو قول الفقهاء قدسسرهما : (طهارة ماء الغسالة مشهور بل اجماعي) فذكر الشهرة يكون توطئة ومقدمة للمضرب اليه.
ومنها كون الاضراب لاجل ابطال ما اثبت المتكلم اوّلا نحو قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)(١) فهذا الرابع يدل على الحصر والاختصاص دون الباقي لوجهين :
الاول : لان ثبوت الحكم لموضوع خاص وهو (زيد وماء الغسالة) في الامثلة المذكورة لا يدل على نفيه عن غيره ، اذ اثبات شيء لشيء أعم من اثباته لغيره او نفيه عنه ، كما سبق في مفهوم الوصف.
والثاني : ان الموضوع هنا يكون لقبا واللقب لا مفهوم له ، كما سيأتي عن قريب.
فالكفار قالوا اتخذ الله الملائكة بنات فنزّه الله سبحانه نفسه عن اتخاذ الاولاد وابطل قولهم بقوله : بل هم عباد مكرمون لديه ، أي هؤلاء الذين جعلوهم أولاد الله هم عبيد الله وهو واضح.
والمورد الآخر تدل كلمة (بل) على الحصر إذا وقعت بعد النفي أو النهي نحو
__________________
(١) سورة الأنبياء ، آية ٢٦.