العلماء إلا زيدا) مثلا ، إذا افترضنا ان زيدا دار أمره بين زيد بن خالد وزيد بن بكر ، فان هذا المخصص يمنع من ظهور العام في العموم ويوجب اجماله حقيقة ، لأن الخاص يكون حجة على تخصيص احدهما اجمالا فتسقط اصالة الظهور ، أي ظهور العام في الفردين معا ، فيرجع في كل من الفردين إلى الاصول العملية ، فان كان حكم العام إلزاميا وحكم الخاص ترخيصيا أو بالعكس وجب الاحتياط في الفردين ، أي يكرم كلاهما للعلم الاجمالي بالتكليف ، والفراغ اليقيني لا يحصل إلا بالاحتياط.
وان كان كل من حكمي العام والخاص الزاميا فقد دار الأمر في كل من الفردين بين الوجوب نظرا إلى العام ، وبين الحرمة نظرا إلى الخاص ، فيلحقه حكمه من التخيير ابتداء أو استمرارا ، حسبما يأتي ان شاء الله تعالى في محله ، لأنه لا يمكن الرجوع إلى الاحتياط حينئذ ، أي حين دوران أمر الخاص بين الوجوب والحرمة ، ولا إلى اصالة البراءة لاستلزامها المخالفة القطعية العملية ، فالمرجع فيه لا محالة هو اصالة التخيير البدوي أو الاستمراري.
نعم يفترق الكلام في الدوران بين الأقل والأكثر ، وفي الدوران بين المتباينين في الأصل العملي.
أما بيان ذلك : فلأن العام والخاص سواء كانا متكفلين لحكم الزامي أم كان احدهما متكفلا لحكم الزامي والآخر لحكم ترخيصي ، فالمرجع في الأول بالاضافة إلى المشكوك هو البراءة مطلقا ، ولكن المرجع في الثاني ، أي في الدوران بين المتباينين ، هو البراءة في صورة كون احدهما متكفلا لحكم الزامي والآخر لحكم ترخيصي ، ولكن المرجع فيه ، أي في الثاني ، هو اصالة التخيير في صورة كون كليهما متكفلين لحكم الزامي ، كما علم مما سبق آنفا.
نعم يكون الخاص المجمل مفهوما حجة في الأقل المتيقن خروجه عن تحت العام ، وهو فاعل الكبيرة ، فيما إذا كان مفهومه دائرا بين الأقل والأكثر ، واما إذا كان مفهومه مرددا بين المتباينين فليس القدر المتيقن في البين حتى يحكم بحجية