قرينة على الصرف المذكور وان وجب هذا المخصص رفع اليد عنه لأجل الخاص.
ويختص هذا القسم بما يكون العلم بالخاص موقوفا على مقدمات نظرية يتوقف حصوله منها على نظر وتأمّل فالمخصص اللبي اما ضروري عقلا ، أي يحكم العقل بالتخصيص مستقلا بلا توقف على مقدمات نظرية واما نظري يتوقف فيه العلم بالخاص على مقدمات نظرية ، فالظاهر بقاء العام في المصداق المشتبه على حجيته فيه كما أن ظهور العام في حكم الفرد المشكوك ثابت كذلك حجيته فيه ثابت أيضا فيجب الأخذ بالعام لاثبات حكم الفرد المشتبه.
فانقدح ان مختار المصنّف في المقام هو التفصيل بين القسمين منه مثلا ، إذا قال المولى لعبده (اكرم جيراني) فحصل لنا القطع بحكم العقل ان المولى لا يريد بقوله هذا اكرام من كان عدوا له منهم ، كانت اصالة العموم باقية على الحجية بالنسبة إلى من يعلم بخروجه عن عموم الكلام للعلم بعداوته (١) ، أي العلم بالخروج عن العموم بسبب العلم بالعداوة.
أما في الفرد المشتبه الذي لا يعلم صداقته ولا عداوته بالنسبة إلى المولى فيجوز التمسك بالعام في حكم الفرد المشكوك حتى يجب اكرامه. فظهر الفرق بين المخصص اللفظي واللبي.
قال المصنّف قدسسره : والسر في ذلك الفرق بينهما انه في المخصص اللفظي قد ألقى السيد إلى عبده حجّتين احداهما عامة والأخرى خاصة. وفي المخصص اللبي قد ألقى السيد إلى عبده حجة واحدة وهي العام لا غير لأن المخصص اللبي بعد ما كان علما ، أي بعد كونه علما فليس بحجة ملقاة من السيد إلى عبده.
وعليه : فالفرد المشكوك في الأول يكون نسبته إلى الحجتين الملقاتين من السيد إلى عبده نسبة واحدة فيمتنع الأخذ باحداهما فيه لاحتمال دخوله تحت
__________________
(١) هذا قيد للمنفي وهو كلمة يعلم لا النفي.