قال الحكيم في كتابه الكريم : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ ...)(١). ثم قال : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ ...)(٢) فهذا يشمل جميع غير المذكورات في الآية السابقة ، ولكن روى أديم بياع الهروي عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام في حديث انه قال عليهالسلام : «والذي يتزوج المرأة في عدتها وهو يعلم لا تحل له أبدا» (٣). فمنطوق هذا الحديث يتعارض مع عموم (أحلّ لكم ما وراء ذلكم) فله مفهوم موافق وهو حرمة تزويج ذات البعل أبدا إذ لا ريب في أولوية حرمة تزويج ذات البعل من حرمة تزويج المعتدة فلا يمكن رفع اليد عن هذا المفهوم إذا بنينا على منطوقه ، فيكون المنطوق والمفهوم متحدين في الحكم لفرض كون المفهوم موافقا مع المنطوق في الحكم ، فيقع التعارض بين المنطوق والعام بالاضافة إلى حرمة تزويج المعتدة ، فالعام دال بحليته والحديث دال بحرمته ولكن التعارض بينهما من قبيل التعارض بين الخاص المنطوق والعام ولا ريب في وجوب تقديم الخاص على العام من باب تقديم النص على الظاهر كما سبق ، فمفهومه يكون مخصصا للعام كما ان منطوقه مخصص له بلا خلاف ، فيصير تقدير الآية الشريفة (أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) إلا ذات البعل).
اما المفهوم المخالف فيمكن رفع اليد عنه فقط مع الحكم بثبوت المنطوق فيدور الأمر بين رفع اليد عن المفهوم ورفع اليد عن عموم العام.
فقال جمع بالأول وبعض بالثاني. وقد استدل لكل منهما بما لا يخلو عن قصور. واستدل القائل بتقدم العموم على المفهوم بان دلالة العام على العموم ذاتية اصلية ، ودلالة اللفظ على المفهوم تبعية ، ومن الطبيعي ان الدلالة الاصلية تتقدم على
__________________
(١) البقرة : آية ٢٣.
(٢) البقرة : آية ٢٤.
(٣) الوسائل : ج ١٤ الباب ١٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ، ح ١.