ذهب المصنف قدسسره إلى الأوّل بدعوى ان هذه العمومات التي وردت مخصصاتها بعد حضور وقت العمل بها قد صدرت بأجمعها متكفلة للأحكام الظاهرية ضربا للقاعدة والقانون فيكون الناس مكلفين بالعمل بها ما لم يرد عليها مخصص ، فإذا ورد عليها المخصص كان ناسخا بالإضافة إلى الأحكام الظاهرية. ومخصصا بالنسبة إلى الارادة الجدية والاحكام الواقعية إذ لا ملازمة بين كون العموم مرادا بالإرادة الاستعمالية ، وبين كونه مرادا بالإرادة الجدية ، كما لا ملازمة بين كون العموم مرادا ظاهرا ضربا للقانون والقاعدة ، وبين كونه مرادا واقعا وجدا.
وعليه فلا مانع من كون العموم في هذه العمومات مرادا ظاهرا ويكون الناس مأمورين بالعمل به في مقام الظاهر إلى أن يجيء المخصص له فإذا جاء فيكون مخصصا بالإضافة إلى الارادة الجدية والاحكام الواقعية وناسخا بالاضافة إلى الحكم الظاهري والإرادة الاستعمالية.
الصورة الرابعة : ما إذا ورد العام بعد الخاص وقبل حضور وقت العمل به ففي هذه الصورة يتعيّن كون الخاص المتقدّم مخصصا للعام المتأخّر إذ لا مقتضي للنسخ أصلا وإلّا لزم كون جعل الحكم لغوا محضا وهو لا يمكن صدوره من المولى الحكيم عزّ اسمه.
الصورة الخامسة ما إذا ورد العام بعد الخاص وبعد حضور وقت العمل به ، ففي هذه الصورة يقع الكلام في ان الخاص المتقدّم مخصص للعام المتأخّر أو ان العام المتأخر ناسخ للخاص المتقدم.
وتظهر الثمرة بينهما حيث انّه على الأول يكون الحكم المجعول في الشريعة المقدسة هو حكم الخاص دون العام ، وعلى الثاني ينتهي حكم الخاص أمدا بعد ورود العام فيكون الحكم المجعول في الشريعة المقدسة بعد ورود العام هو حكم العام.
قال المصنّف قدسسره ان الأظهر كون الخاص مخصّصا له وأفاد في وجه ذلك ان كثرة التخصيص في الأحكام الشرعية حتى اشتهر (ما من عام إلّا وقد خص) وندرة