ثبوت ما يمحوه لحكمة داعية إلى اظهاره فقد ألهم أو أوحى إلى نبيّه أو وليّه ان يخبر الناس به مع علم كلّ واحد من النبي والولي عليهمالسلام بأن الله تعالى يمحوه ، وذلك مثل اخبار النبي يونس عليهالسلام بعذاب قومه في وقت معين ثم لا يعذبهم فيه أو مثل اخبار المسيح بموت العروس ليلة الزفاف ثم لا تموت فيها إلى غيرهما من موارد البداء ، أو مع عدم علم كلّ واحد من النبي أو الولي عليهماالسلام بالمحو من قبل الباري تعالى. لعدم احاطتهما بتمام ما جرى في علمه تبارك وتعالى ، إذ قال الله تعالى في كتابه الكريم : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) جلّ وعلا وهو شامل بعمومه للنبي والولي عليهماالسلام وانما يخبر النبي أو الولي عليهماالسلام بوقوع العذاب لأن كلّ واحد منهما حال الوحي أو الالهام لارتقاء نفسه الزكية واتصال نفسهما بعالم لوح المحو والاثبات اطلع على ثبوت العذاب أو الهلاك أو على ثبوت ما أخبر به واقعا ولكن لم يطلع على كون ما أخبر به معلقا على أمر غير واقع في الخارج مثلا أخبر النبي يونس بوقوع العذاب على قومه في الوقت الخاص وفي زمان معيّن ولكن لم يطلع على تعليقه بعدم التوسل والدعاء والابتهال والانابة والتوبة والاستغفار.
وكذا أخبر المسيح بموت العروس ليلة الزفاف ، ولكن لم يعلم ان هذا مشروط بعدم الصدقة. فوقوع ما أخبر به معلق على أمر غير واقع في الخارج ، أو مشروط بعدم الموانع أي بشرط عدم الدعاء والصدقة فالله تعالى قال في كتابه المبين : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)(١).
أي يمحو حكم المنسوخ ويثبت حكم الناسخ. أو يمحو من كتاب الحفظة المباحات وما لا جزاء فيه ويثبت ما فيه الجزاء من الطاعات والمعاصي. أو يمحو ما يشاء من ذنوب المؤمنين فضلا فيسقط عقابها ويثبت ذنوب من يريد عقابه عدلا. أو يمحو من الرزق ويزيد فيه ومن الأجل ويمحو السعادة والشقاوة ويثبتهما.
__________________
(١) سورة الرعد : آية ٣٩.