وأمّ الكتاب أصل الكتاب الذي أثبت فيه الحادثات والكائنات لا يغيّر منه شيء كما ورد عن أئمتنا عليهم أفضل صلاة المصلّين هذا الدعاء وهو :
اللهمّ إن كنت كتبتني في الأشقياء فامنحني من الأشقياء واثبتني في السعداء فانّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب ، فهذا الوجه يدلّ صراحة على المحو والاثبات كسائر الوجوه وعلى البداء في الأفعال والتكوينيات كما لا يخفى.
نعم من شملته العناية الإلهية واتصلت نفسه الزكية بعالم اللوح المحفوظ الذي هو من أعظم العوالم الربوبية وهو أمّ الكتاب انكشف عنده تمام الواقعيات على ما هي عليها ، كما ربما يتفق لخاتم الأنبياء والرسل وخاتم الأوصياء لا لجميع الأوصياء إذ كانوا عارفين بالواقعيات والكائنات كما كانت في الماضي وكما تكون في الحال والاستقبال إذ علمهم لدنّي لا يحتاج إلى تحقق صورة المعلوم في الخارج. بخلاف العلم الحصولي فانّه يحتاج إلى تحقق صورة المعلوم فيه ، كعلم زيد مثلا بالأشياء المتحقّقة في الخارج وهو لا يعلم الأشياء التي لم تتحقق بعد في الخارج. نعم مع علمهم بالواقعيات إلى يوم القيامة ربما يوحى إلى الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم حكم من الأحكام تارة يكون الحكم ظاهرا في الاستمرار والدوام مع انّه في الواقع له أمد وغاية يعينها بخطاب آخر.
وأخرى يوحى اليه بحكم يكون ظاهرا في الجد مع انه لا يكون واقعا بجد بل يكون لمجرد الابتلاء ولمحض الاختبار والامتحان وكلّ ذلك لحكمة ومصلحة.
كما ان النبي عليهالسلام ربّما يؤمر وحيا أو إلهاما بالإخبار بوقوع عذاب أو هلاك وموت وهما لا يقعان في الخارج لأجل حكمة ومصلحة في إظهار استمرار الحكم ودوامه أو في إظهار أصل انشاء الحكم وجعله ، فالأول إشارة إلى جواز البداء بعد حضور وقت الواقعة.
والثاني إشارة إلى جوازه قبل حضور وقتها كالنسخ. فالنتيجة بداؤه تعالى يكون بمعنى ان الله تعالى يظهر ما أمر نبيّه أو وليّه بعدم إظهاره أولا ويبدي ويظهر