حتى يستلزم التقييد تصرفا في اللفظ المطلق ، بخلاف حمل الأمر في المقيد على الاستحباب لأنّه يستلزم التصرف في الأمر ، فلا يعارض تقييد المطلق بالمقيد بحمل أمره على الاستحباب بالتصرف في المقيد كما سبق وجهه فلا نعيده ، فرارا من التكرار الممل.
قوله : وأنت خبير بأن التقييد أيضا يكون تصرفا في المطلق ...
ردّ المصنّف قدسسره جواب المجيب عن الاشكال الوارد في قول المشهور إذا كانا متوافقين من حمل المطلق على المقيد ، والاشكال الوارد عليه ، ان رفع التنافي بينهما لا ينحصر بالحمل المذكور ، بل يرفع بوجه آخر وهو حمل الأمر في المقيد على الاستحباب بوجهين :
الأول : ان دليل المقيّد لا يكشف عن كون المطلق في مقام بيان المراد ، بل يكون المطلق في مقام بيان الحكم الظاهري قاعدة وقانونا. نظير اطلاق كلام المجري لقانون الدولة ، إذ هو يقول : (لا بدّ أن يحضر كلّ الرعايا لخدمة النظام) فهذا البيان للحكم الظاهري قاعدة وضربا للقانون ، وإلّا فقد استثنى منه الطلاب والمرضى والعرج والعميّ مثلا. وعليه فإذا صدر من قبل المولى دليل التقييد. فالمطلق ظاهر في الاطلاق وفي مقام بيان الحكم الظاهري قاعدة وقانونا. غاية الأمر ان دليل القيد أظهر من اطلاق المطلق ، فهو ليس بحجّة في قبال دليل المقيّد والتقييد. وعلى طبيعة الحال فالتقييد خلاف الظاهر أيضا كما ان حمل الأمر المقيد على الاستحباب خلاف الظاهر ، كما سبق هذا. فظهر ان كلام المجيب ليس بتام.
الثاني : ان حمل الامر المقيّد على الاستحباب مجازا وخلاف الظاهر كما قال به المجيب غير تام ، لأن المراد من حمل الأمر المقيد على الاستحباب ، في باب المطلق والمقيد ليس الاستحباب الاصطلاحي بمراد وإلّا لزم اجتماع الضدين وهما (الوجوب والاستحباب) في موضوع واحد وفي محل فارد ، وهو محال عقلا. بل المراد من الاستحباب في باب المطلق والمقيّد كون المستحب أفضل افراد الواجب