نظير اتيان الصلاة أوّل وقتها ، فأمر المقيد إذا استعمل في الاستحباب فليس المراد منه استحبابا اصطلاحيا متعارفا كي يلزم المجاز في صيغة الأمر ، ويلزم خلاف ظاهرها. فقول المجيب ان حمل الأمر على الاستحباب مجاز وخلاف الظاهر مردود.
وبقي في المقام أمران :
الأول : بيان الفرق بين العام والمطلق ، وهو ان العام يدلّ على الشمول والسريان بالوضع. والمطلق يدلّ على الشمول والسريان ببركة مقدّمات الحكمة لا بالوضع.
وقيل ان الفرق بينهما ان العام يكون من قبيل المعطوف بالواو نحو (اكرم العلماء) أي (اكرم زيدا العالم وعمروا العالم وبكرا العالم و ...) وان المطلق يكون من قبيل المعطوف بأو نحو (إذا ظاهرت فاعتق رقبة) أي (اعتق هذه أو هذه أو هذه).
والثاني : بيان الفرق بين الاستحباب في هذا الباب والاستحباب المتعارف وهو ان الاستحباب في المقام يكون بمعنى أكثر ثوابا كما يقال (صلاة الجماعة مستحبة) ، أي اتيان الصلاة الواجبة جماعة أكثر ثوابا من اتيانها فرادى ، فالاستحباب يكون بمعنى أفضل افراد الواجب في باب المطلق والمقيّد. واما الاستحباب المصطلح يكون بمعنى ذي ثواب ، كما يقال (غسل الجمعة مستحب) أي يكون ذا ثواب. ولكن يجوز الترك في كليهما ، إذ لا اشكال في جواز ترك عتق المؤمنة ، وفي جواز ترك الجماعة ، كما لا إشكال في جواز ترك غسل الجمعة مثلا.
وفي ضوء هذا ، فالظفر بالمقيد يكون كاشفا عن عدم كون الاطلاق الذي ينشئ عن تمامية مقدّمات الحكمة بمراد جدي فعلي للمتكلم ، ولا يكون كاشفا عن عدم ورود المطلق في مقام البيان ، كما تقدم وجهه.
غاية الأمر ان التصرف في المطلق الثابت بعدم كونه مرادا جديا للمولى لا يوجب التجوز في المطلق ، لما مرّ سابقا من وضع المطلق للماهية المهملة المبهمة على نحو الماهية اللابشرط المقسمي ، ولم يوضع للشيوع والسريان كي تكون ارادة غيرهما منه مجازا ، لأن المطلق إذا لم يكن مرادا جديا للمولى فهو لا ينافي استعماله