معينة ، فالمراد الاستعمالي منه حينئذ غير معلوم لنا ، أو يكون اجماله بالعارض ، كالكلام المحفوف بما يصلح للقرينة ، فانّه يوجب اجماله وعدم انعقاد الظهور له في معناه الحقيقي.
ومثال الثاني : العام المخصص بدليل منفصل يدور أمره بين المتباينين ، كما إذا ورد (أكرم كل عالم) ثم ورد في دليل آخر (لا تكرم زيد العالم) وفرضنا ان زيدا العالم في الخارج مردد بين شخصين : (زيد بن خالد ، وزيد بن بكر) مثلا فيكون المخصص من هذه الناحية مجملا ، فيسري اجماله إلى العالم حكما لا حقيقة لفرض ان ظهوره في العموم قد انعقد ، فلا اجمال في العام ، ولكن الاجمال في المراد الجدي منه ولذلك يعامل معاملة المجمل والمتشابه ، إذ الاجمال والبيان انّما يكونان بنظر العرف ، فكل كلام كان ظاهرا في معناه وكاشفا عنه فهو مبين عندهم : وكل كلام ولفظ لا يكونان كذلك سواء كان الاجمال بالذات أو بالعرض بسبب الاعلال ك (مختار ومنقاد) فهو مجمل عندهم فلا واسطة بينهما.
فانقدح ان لكل واحد منهما في الآيات القرآنية والروايات المأثورة مصاديق كثيرة لا بحث فيها إلّا ان لهما افراد مشتبهة ، وقعت محل البحث بين الأعلام قدسسرهم ، أهي من أفراد المجمل أم هي من مصاديق المبيّن كآية السرقة في قوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(١) وكآية التحريم : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)(٢) وكآية التحليل : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) ، ونحو (كل مورد أضيف التحليل إلى الاعيان الخارجيات والتحريم إلى النسوان) ، ونحو (لا صلاة إلّا بطهور) و (لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب). فادعى الاجمال في آية السرقة من حيث اليد ، بل من حيث القطع أيضا.
__________________
(١) ـ سورة المائدة : آية ٣٨.
(٢) ـ سورة النساء : آية ٢٣.