المناسب للاصولي ان يبحث عن امكان الأشياء واستحالتها.
وأما الجواب عنه : فهو ان القانون في كون المسألة كلامية هو ان يكون البحث فيها عن احوال المبدإ والمعاد وعن الاستحالة والامكان ، ومسألتنا وان كانت عقلية ولا صلة لها بعالم اللفظ ، إلا ان البحث فيها انما يكون في سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به ، وعدم السراية. ولا يكون البحث فيها اصلا من احوال المبدإ والمعاد ، فلا ربط لها على كلا القولين بالعقائد الدينية والمباحث الكلامية.
واستدلّ من قال : انها من المسائل الفقهية بأن البحث فيها عن عوارض فعل المكلف ، وهي صحة العبادة والصلاة في المكان الغصوب وفسادها فيه ، فينطبق ضابط المسائل الفقهية عليها ، لأنا نبحث في علم الفقه الشريف عن عوارض افعال المكلف وعن احوالها.
وفيه : ان البحث فيها ابتداء انما يكون في سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به وعدم سرايته.
ومن الواضح ان البحث من هذه الناحية لا يرتبط بعوارض افعال المكلف ، بل الصحة ، أي صحة الصلاة في المكان المغصوب ، تترتب على القول بعدم السراية ، كما ان فسادها يترتب على القول بالسراية ، فملاك كونها مسألة اصولية موجود فيها ، فلا وجه لجعلها من المسائل الفقهية ، ونلتزم بذكرها استطرادا.
واحتجّ ، من قال انها من المبادئ الاحكامية ، والمراد بها ما يكون البحث فيه عن حال الحكم ، كالبحث عن انّ وجوب شيء أيستلزم وجوب مقدّمته أو حرمة ضده أم لا؟ بأن البحث في مسألتنا بحث عن حال الاحكام من حيث امكان اجتماع اثنين منها في شيء واحد ، ومن حيث عدم امكانه ، وعليه فتكون المسألة هذه من المبادئ الاحكامية.
وفيه : ان المبادئ لا تخلو من ان تكون مبادئ تصورية ، أو مبادئ تصديقية