يا فرعون : إنى رسول رب العالمين ، ولما أنكر فرعون ذلك قال له موسى : أتنكر ولو جئتك بشيء مبين من المعجزات والآيات الدالة على صدقى؟!!
فقال له فرعون. إن كنت من الصادقين فائت بآية تشهد لك ، فألقى موسى عصاه من يده ، فإذا هي ثعبان ظاهر ، لا شك فيه ، يتحرك ويسعى ، ووضع يده في جيب قميصه ثم نزعها فإذا هي بيضاء للناظرين.
ولما رأى فرعون وقومه تلك الآيتين الحسيتين اللتين تشهدان لموسى بالصدق قالوا هذا سحر مبين ، وهذا ساحر ماهر يموه علينا ، ويقلب الحقائق ، فهو كبقية السحرة ، وليس رسولا لرب العالمين كما يدعى ، هذا الذي يريد أن يخرجكم من أرضكم ويتغلب عليكم بسحره ، ويأخذ بنى إسرائيل من تحت أيديكم ... وتشاوروا فيما بينهم : ماذا يفعلون؟ قال بعضهم لفرعون : الرأى أننا نرجئ أمر موسى وأخيه إلى موعد نضربه معهما ، ونجمع السحرة المهرة من كل مكان في الدولة ، وهؤلاء السحرة ستأتى في مشهد من الناس بأفعال كفعله وأقوى ، فتكون النتيجة أنه كباقي السحرة في المدينة ، وليس له فضل ، ولا حق فيما يدعيه ، وكان هذا هو الرأى ...
أرسل فرعون في المدائن حاشرين يجمعون له السحرة من كل حدب وصوب ، وكان السحرة في القديم هم الطبقة المثقفة ، ولهم مكانتهم عند الملوك والجبابرة وجاءوا مدلين واثقين من أنفسهم وتغلبهم على موسى ، وطالبوا بأجرهم فقال فرعون. نعم لكم ما تطلبون ، وإنكم إذ تغلبون لمن المقربين.
فلما اجتمع القوم ، التقى السحرة بموسى قال لهم : ألقوا ما أنتم ملقون به ، من العصى والحبال ، وذلك بعد ما عرضوا على موسى أن يلقى هو أولا ... فألقوا حبالهم وعصيهم ، فامتلأ المكان حيات وثعابين ، وخيل إلى الكل حتى موسى أنها تسعى وقالوا إنا بعزة فرعون لغالبون.
في تلك اللحظة ابتهج فرعون وقومه ، وأيقنوا أن السحرة غلبوا ، وأن موسى لن يستطيع أن يغلبهم في شيء إذ معه عصاه ، وستكون حية واحدة بين آلاف الحيات.
وعند ذلك أوجس موسى في نفسه خيفة ، فأمره الله أن يلقى عصاه فإذا هي حية تسعى ، وإذا هي تبلع حيات السحرة وتتلقفها بسرعة فائقة!! الآن ظهر الحق ، وبطل ما كانوا يعملون ، ودهش آل فرعون والملأ من قومه ، وعلم السحرة أن السحر لا