الأصم في سبيل واحدة فكيف أثق بتفسيرهم وأسكن إلى صوابهم » (١) .
وقال أيضاً حول قصة آدم وحواء : « ونقرأ تفسير الطبري وتفسير مقاتل بن سليمان في هذه القصة فيتجلى لنا بوضوح انهما أخذا ما جاء في التوراة وشروحها من تفصيل لهذه القصة ، ووضعوه تفسيراً لآيات القرآن الكريم وهم يروون ذلك عن وهب بن منبه تارة ، وعن إسرائيل عن أسباط عن السدي تارة أخرى (٢) . ومثلاً نجد القرآن الكريم قد اشتمل على موضوعات وردت في الإنجيل كقصة ولادة عيسى بن مريم ومعجزاته ، فجاء المفسرون ينقلون عن مسلمة اليهود والنصارى شروحاً لهذه الآيات » (٣) .
وقال أيضاً : « ولم يقتصر تأثير الإسرائيليات على كتب التفسير بل تعداها إلى العلوم الإسلامية الأخرى ، فقد عني بعض المسلمين بنقل تاريخ بني إسرائيل وأنبيائهم كما فعل أبو إسحاق والطبري في تاريخيهما وكما فعل ابن قتيبة في كتاب المعارف . . . كذلك كان لليهود أثر غير قليل في بعض المذاهب الكلامية ، فابن الأثير يروي عند الكلام على « أحمد بن أبي دؤاد » أنه كان داعية إلى القول بخلق القرآن ، وأخذ ذلك عن بشر المريس وأخذ بشر من الجهم بن صفوان ، وأخذ الجهم من الجعد بن أدهم ، وأخذه الجعد عن أبان بن سمعان ، وأخذه أبان عن طالوت ابن أخت لبيد الأعصم وختنه ، وأخذه طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي وكان لبيد يقول : خلق التوراة ، وأول من صنف في ذلك طالوت وكان زنديقاً فأفشى الزندقة » (٤) .
وسيوافيك أن القول بقدم القرآن وكونه غير مخلوق ، أيضاً تسربت من اليهود حينما قالوا بقدم التوراة ، أو من النصرانية حينما قالوا بقدم « الكلمة » التي هي المسيح . فللأحبار والرهبان دور راسخ في خلق هذه
____________________
(١) الحيوان للجاحظ : ج ١ ص ٣٤٣ ـ ٣٤٦ .
(٢) تفسير مقاتل : ج ١ ص ١٨ ، وتفسير الطبري : ج ١ ص ١٨٦ وما بعده .
(٣) تفسير الطبري : ج ٣ ص ١٩٠ وص ١١٢ .
(٤) الكامل لابن الأثير : ج ٥ ص ٢٩٤ حوادث سنة ٢٤٠ ، ولاحظ الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير للدكتور رمزي نعناعة : ص ١١٠ ـ ١١١ .