أسلموا وله أخبار كثيرة وقصص تتعلق بأخبار الأول ومبدأ العالم وقصص الأنبياء ، وكان يقول : « قرأت من كتب الله اثنين وسبعين كتاباً » وقد توفي حول سنة ( ١١٠ هـ ) بصنعاء . وأما كعب الأحبار أو كعب بن ماتع فيهودي من اليمن كذلك ، ومن أكبر من تسربت منهم أخبار اليهود إلى المسلمين . أسلم في خلافة أبي بكر وعمر ـ على خلاف في ذلك ـ وانتقل بعد إسلامه إلى المدينة ثم إلى الشام ، وقد أخذ عنه اثنان ، هما أكبر من نشر علمه : ابن عباس ـ وهذا يعلل ما في تفسيره من إسرائيليات ـ وأبو هريرة ولم يؤثر عنه أنه ألف كما أثر عن وهب بن منبه ، ولكن كل تعاليمه ـ على ما وصل إلينا ـ كانت شفوية ، وما نقل عنه يدل على علمه الواسع بالثقافة اليهودية وأساطيرها .
جاء في « الطبقات الكبرى » حكاية عن رجل دخل المسجد فإذا عامر بن عبد الله بن القيس جالس إلى كتب وبينها سفر من أسفار التوراة وكعب يقرأ (١) . وقد لاحظ بعض الباحثين أن بعض الثقات كابن قتيبة والنووي لا يروي عنه أبداً . وابن جرير الطبري يروي عنه قليلاً ، ولكن غيرهم كالثعلبي والكسائي ينقل عنه كثيراً من قصص الأنبياء كقصة يوسف والوليد بن الريان وأشباه ذلك . ويروي « ابن جرير » أنه جاء إلى عمر بن الخطاب قبل مقتله بثلاثة أيام وقال له : « اعهد ، فإنك ميت في ثلاثة أيام . قال : وما يدريك ؟ قال : أجده في كتاب الله عز وجل في التوراة . قال عمر : إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة ؟ قال : اللهم لا ، ولكن أجد صفتك وحليتك وأنه قد فني أجلك » .
وهذه القصة إن صحت ، دلت على وقوف كعب على مكيدة قتل عمر ، ثم وضعها هو في هذه الصبغة الإسرائيلية ، كما تدلنا على مقدار اختلاقه فيما ينقل .
وعلى الجملة : فقد دخل على المسلمين من هؤلاء وأمثالهم في عقيدتهم وعلمهم كثير كان له فيهم أثر غير صالح » (٢) .
____________________
(١) طبقات ابن سعد ، ج ٧ ص ٧٩ .
(٢) فجر الإسلام : طبع دار الكتاب العربي ص ١٦٠ ـ ١٦١ .