تقبلوه ، بمعنى المحايدين أو الذين لا ينصرون أحد الفريقين المتنازعين ( أهل السنة والخوارج ) على الآخر في المسألة السياسيّة الدينية الخطيرة : مسألة الفاسق ما هو حكمه ؟ هل هو كافر مخلد في النار كما يقول الخوارج ، أو هو مؤمن يعاقب على الكبيرة بقدرها كما يقول أهل السنة ، أو هو في منزلة بين المنزلتين وهو ما يقول به المعتزلة » (١) .
ب . وهناك رأي ثان في وجه تسميتهم بها ، يظهر مما ذكره أبو الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي الشافعي ( المتوفى عام ٣٧٧ ) حيث يقول : « وهم سموا أنفسهم معتزلة وذلك عندما بايع الحسن بن علي ( عليه السلام ) معاوية وسلم إليه الأمر ، اعتزلوا الحسن ومعاوية وجميع الناس ، وقد كانوا من أصحاب علي ، ولزموا منازلهم ومساجدهم وقالوا : نشتغل بالعلم والعبادة فسموا بذلك معتزلة » (٢) .
وهذا الرأي قريب من جهة أن المعتزلة أخذوا تعاليمهم في التوحيد والعدل ، عن الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لأنهم يقرون بأن مذهبهم يصل إلى واصل بن عطاء ، وأن واصلاً يستند إلى محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام المعروف بابن الحنفية بواسطة ابنه أبي هاشم وأن محمداً أخذ عن أبيه ، وأن علياً أخذ عن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) (٣) .
وعلى ذلك فليس ببعيد أن يرجع وجه التسمية إلى زمن تصالح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية .
والذي يبعد ذلك أن من الأصول الاعتقادية للمعتزلة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى هذا الأصل خرجت أوائلهم على الوليد الفاسق بن يزيد ابن عبد الملك ونصروا يزيد الناقص بن الوليد بن عبد الملك الذي كان على خط
____________________
(١) مذاهب الإسلاميين للدكتور عبد الرحمن بدوي : ج ١ ص ٣٧ .
(٢) التنبيه والرد : ص ٣٦ .
(٣) رسائل الجاحظ تحقيق عمر أبي النصر : ص ٢٢٨ ، وغيره مما كتب في تاريخ المعتزلة كطبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار ، والمنية والأمل لأحمد بن يحيى بن المرتضى .