٣ ـ وقال الإمام أبو اليسر محمد بن عبد الكريم البزدوي : « الإمام إذا جار أو فسق لا ينعزل عند أصحاب أبي حنيفة بأجمعهم وهو المذهب المرضي . . . ثم قال : وجه قول عامة أهل السنة والجماعة إجماع الأمة ، فإنهم رأوا الفساق أئمة ، فإن أكثر الصحابة كانوا يرون بني أمية وهم بنو مروان حتى كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلفهم ويرون قضاياهم نافذة ، وكذا الصحابة والتابعون وكذا من بعدهم يرون خلافة بني عباس وأكثرهم فسّاق ، ولأن القول بانعزال الأئمة بالفسق ، إيقاع الفساد في العالم ، وإثبات المنازعات وقتل الأنفس ، فإنه إذا انعزل يجب على الناس تقليد غيره ، وفيه فساد كثير ثم قال : إذا فسق الإمام يجب الدعاء له بالتوبة ولا يجوز الخروج عليه وهذا مروي عن أبي حنيفة لأنّ الخروج إثارة الفتن والفساد في العالم » (١) .
٤ ـ وقال الإمام أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ( المتوفى عام ٤٠٣ هـ ـ ق ) في التمهيد : « إن قال قائل : ما الذي يوجب خلع الإمام عندكم ؟ قيل له : يوجب ذلك أمور : منها : كفر بعد إيمان ، ومنها : تركه الصلاة والدعاء إلى ذلك ، ومنها : عند كثير من الناس فسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحرمة وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ، وقال الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع بهذه الأمور ولا يجب الخروج عليه بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء مما يدعو إليه من معاصي الله ، إذ احتجوا في ذلك بأخبار كثيرة متضافرة عن النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمة وإن جاروا واستأثروا بالأموال وأنه قال ( عليه السلام ) : واسمعوا وأطيعوا ولو لعبد أجدع ، ولو لعبد حبشي ، وصلوا وراء كل بر وفاجر . وروي أنه قال : وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك وأطيعوهم ما أقاموا الصلاة » (٢) .
٥ ـ وقال الشيخ نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد النسفي ( المتوفى عام ٥٣٧ ) فی العقائد النسفية : « ولا ينعزل الإمام بالفسق والجور . . . ويجوز
____________________
(١) أصول الدين للإمام البزدوي طبع القاهرة : ص ١٩٠ ـ ١٩٢ وهو من الماتريديه .
(٢) التمهيد طبع القاهرة : ص ١٨٦ .