الناس ممن أدركه الأحصاء دون من لم يعرف » (١) .
هل نسي أبو زهرة ( أو لعله تناسى ) قضية دير الجماجم حيث قام ابن الأشعث التابعي في وجه الحجاج السفاك بالموضع المعروف بدير الجماجم فكان بينهم نيف وثمانون وقعة تفانى فيها خلق وذلك في سنة اثنين وثمانين (٢) .
وعلى كل تقدير فقد اقتفى أثر أحمد بن حنبل جماعة من متكلمي الأشاعرة وغيرهم وادعوا بأن هذه عقيدة إسلامية كان الصحابة والتابعون يدينون بها وأنه يجب الصبر على الطغاة الظلمة إذا تصدروا منصة الحكم ، نعم غاية ما يقولونه هو : إنه لا تجب إطاعتهم إذا أمروا بالحرام والفساد جاعلين قولهم هذا منعطفهم الوحيد عن قول ابن حنبل وبقية أهل الحديث ، وإليك نبذة من أقوال القوم :
١ ـ قال الإمام الشيخ أبو جعفر الطحاوي الحنفي ( المتوفى عام ٣٢١ ) في رسالته المسماة بـ « بيان السنة والجماعة » المشهور بـ « العقيدة الطحاوية » : « ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد إلا على من وجب عليه السيف ( أي سفك الدم بالنص القاطع كالقاتل والزاني المحصن والمرتد ) ولا نرى الخروج على أئمتنا ولا ولاة أمرنا وإن جاروا ولا ندعو على أحد منهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعات الله عز وجل فريضة علينا ما لم يأمروا بمعصية » (٣) .
٢ ـ قال الإمام الأشعري من جملة ما عليه أهل الحديث والسنة : « ويرون العيد والجمعة والجماعة خلف كل إمام بر وفاجر . . . إلى أن قال : ويرون الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح ، وأن لا يخرجوا عليهم بالسيف ، وأن لا يقاتلوا في الفتن » (٤) .
____________________
(١) مروج الذهب للمسعودي : ج ٣ ص ٦٩ ـ ٧٠ طبع بيروت .
(٢) نفس المصدر السابق : ج ٣ ص ١٣٢ .
(٣) شرح العقيدة الطحاوية طبع دمشق : ص ١١٠ و ١١١ .
(٤) مقالات الإسلاميين : ص ٣٢٣ .