تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ . . . ) (١) .
الثاني : الجماعة الساكتة التي أهمتهم أنفسهم لا يرتكبون ما حرم الله وفي الوقت نفسه لا ينهون الجماعة العادية عن عدوانها ، بل كانوا يعترضون على الجماعة الثالثة التي كانت تقوم بواجبها الديني من إرشاد الجاهل والقيام في وجه العاصي والطاغي ، بقولهم : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ) (٢) .
الثالث : الجماعة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر معتبرين ذلك وظيفة دينية عريقة ونصيحة لازمة للإخوان وقد حكى الله سبحانه عن لسانهم في محكم كتابه العزيز حيث قال : ( مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) (٣) .
نرى أن الله سبحانه أباد الطائفتين الأوليين ، وأنجى الثالثة . قال سبحانه : ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) (٤) .
فالآية الأخيرة صريحة في حصر النجاة في الناهين عن السوء فقط وهلاك العادين والساكتين عن عدوانهم ، فلو كان السكوت والصبر على عدوان العادين أمراً جائزاً لماذا عم العذاب كلتا الطائفتين ؟ أو ما كان في وسع هؤلاء أن يعتذروا للقائمين بالأمر بالمعروف ، بأن في القيام والخروج وحتى في النصيحة بالقول ، تضعيفاً لقوة الأمة وفكاً لعراها ؟
فلو دلت الآية الأولى على حرمة طاعة الظالم في الحرام ودلت الآية الثانية على حرمة السكوت في مقابل طغيان العادين فهناك آية ثالثة تدل على حرمة الركون إلى الظالم يقول سبحانه : ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (٥) .
____________________
(١) سورة الأعراف : الآية ١٦٣ .
(٢) سورة الأعراف : الآية ١٦٤ .
(٣) سورة الأعراف : الآية ١٦٤ .
(٤) سورة الأعراف : الآية ١٦٥ .
(٥) سورة هود : الآية ١١٣ .