أن يجر إلى الغواية في المآل مع علمهم بحقيقة الحال ، وجلية المقال ، وقد انكشف لنا ذلك حين اضطربت الأحوال واشرأبت الأهوال وحيث لا متسع ولا مجال والمشتكى إلى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال » (١) .
إن بعض المنصفين من المصريين المعاصرين قد اعترف بالحق وأراد الجمع بين رأيي السنة والشيعة في حق الصحابة فقال : إن منهج أهل السنة في تعديل الصحابة أو ترك الكلام في حقهم ، منهج أخلاقي وإن طريقة الشيعة في نقد الصحابة وتقسيمهم إلى عادل وجائر منهج علمي فكل من المنهجين مكمل للآخر . وهذا هو ما أعربنا عنه في صدر البحث وقلنا : « عدالة الصحابة بين العاطفة والبرهان » أي بين الأخلاق والموضوعية وإليك نص كلامه :
« يرى أهل السنة : أنّ الصحابة كلهم عدول ، وأنّهم جميعاً مشتركون في العدالة وإن اختلفوا في درجتها .
وأنّ من كفر صحابياً فهو كافر ومن فسقه فهو فاسق .
وإن طعن في صحابي فكأنما طعن على رسول الله .
وأن من طعن على حضرة الرسول ( عليه السلام ) فهو زنديق بل كافر .
ويرى جهابذة أهل السنة أيضاً أنه لا يجوز الخوض فيما جرى بين علي ـ رضي الله عنه ـ ومعاوية من أحداث التاريخ .
وأن من الصحابة من اجتهد وأصاب وهو « علي » ومن نحا نحوه .
وأن منهم من اجتهد وأخطأ مثل معاوية وعائشة رضي الله عنها ومن نحا نحوهما .
وأنّه ينبغي ـ في نظر أهل السنة ـ الوقوف والإمساك عند هذا الحكم دون التعرض لذكر المثالب .
ونهوا عن سب معاوية باعتباره صحابيا ، وشددوا النكير على من سب عائشة باعتبارها أم المؤمنين الثانية بعد خديجة وباعتبارها حب رسول الله .
____________________
(١) شرح المقاصد : ج ٢ ص ٣٠٦ ـ ٣٠٧ .