وقد سرى هذا الاعتذار إلى غير الأمويين من الذين كانوا في خدمة خلفائهم وأمرائهم فهذا عمر بن سعد بن أبي وقاص قاتل الإمام الشهيد الحسين ( عليه السلام ) لما اعترض عليه عبد الله بن مطيع العدوي بقوله : « اخترت همذان والري على قتل ابن عمك » فقال عمر : « كانت أمور قضيت من السماء وقد أعذرت إلى ابن عمي قبل الوقعة فأبى إلّا ما أبى » (١) .
ويظهر أيضاً مما رواه الخطيب عن أبي قتادة عندما ذكر قصة الخوارج في النهروان لعائشة فقالت عائشة : « ما يمنعني ما بيني وبين علي أن أقول الحق سمعت النبي يقول : تفترق أمتي على فرقتين تمرق بينهما فرقة محلقون رؤوسهم ، مخفون شواربهم ، أزرهم إلى أنصاف سوقهم يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم يقتلهم أحبهم إلي ، وأحبهم إلى الله . قال : فقلت : يا اُم المؤمنين فأنت تعلمين هذا فلم كان الذي منك ؟ قالت : يا قتادة وكان أمر الله قدراً مقدوراً ، وللقدر أسباب » (٢) .
وقد كان حماس الأمويين في هذه المسألة إلى حد قد كبح ألسن الخطباء عن الإصحار بالحقيقة فهذا الحسن البصري الذي كان من مشاهير الخطباء ووجوه التابعين ، وكان يسكت أمام أعمالهم الإجرامية ولكن كان يخالفهم في القول بالقدر بالمعنى الذي كانت تعتمد عليه السلطة آنذاك . فلما خوفه بعض أصدقائه من السلطان ، وعد أن لا يعود . روى ابن سعد في طبقاته عن أيوب قال : « نازلت الحسن في القدر غير مرة حتى خوفته من السلطان فقال : لا أعود بعد اليوم » (٣) .
كيف وقد جلد محمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية المعروفة في مخالفته في القدر قال ابن حجر في تهذيب التهذيب : « إنّ محمد بن إسحاق اتّهم بالقدر ، وقال الزبير عن الدراوردي . وجلد ابن إسحاق يعني في القدر » (٤) .
____________________
(١) طبقات ابن سعد : ج ٥ ص ١٤٨ طبع بيروت .
(٢) تاريخ بغداد : ج ١ ص ١٦٠ .
(٣) طبقات ابن سعد : ج ٧ ص ١٦٧ طبع بيروت .
(٤) تهذيب التهذيب : ج ٩ ص ٣٨ ـ ٤٦ .