اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ) (١) ولم لم ينظروا إلى ما قبل الآية وما بعدها ، ليبين لهم أنه تعالى لا يضل إلا بتقدم الكفر والفسق ، كقوله تعالى : ( وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ) (٢) . وقوله ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) (٣) . ( وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ) (٤) .
وبين الحسن في كلامه الوعيد ، فقال : إنه تعالى قال : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ) (٥) . وقال ( كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا ) (٦) . وقال تعالى : ( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (٧) . فكيف يدعوهم إلى ذلك وقد حال بينهم وبينه ؟ . وقال : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) (٨) . فكيف يجوز ذلك وقد منع خلقه من طاعته ؟ قال : والقوم ينازعون في المشيئة وإنما شاء الله الخير بمشيئته قال ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٩) . وقال في ولد الزنى إنه من خلق الله ، وإنّما الزاني وضع نطفته في غير حقها ، فتعدى أمر الله ، والله يخلق من ذلك ما يشاء وكذلك صاحب البذر إذا وضعه في غير حقه (١٠) .
وقال في الرسالة : إن الله تعالى أعدل وأرحم من أن يعمي عبداً ، ثم يقول له : أبصر وإلا عذبتك ، وإذا خلق الله الشقي شقياً ، ولم يجعل له سبيلاً إلى السعادة فكيف يعذبه ؟ وقد قال الله تعالى لآدم وحواء ( فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ ) (١١) . فغلبهما الشيطان على هواه ثم قال ( يَا بَنِي
____________________
(١) سورة فاطر : الآية ٨ .
(٢) سورة إبراهيم : الآية ٢٧ .
(٣) سورة الصف : الآية ٥ .
(٤) سورة البقرة : الآية ٢٦ .
(٥) سورة الزمر : الآية ١٩ .
(٦) سورة يونس : الآية ٣٣ .
(٧) سورة البقرة : الآية ٢٠٨ .
(٨) سورة النساء : الآية ٦٤ .
(٩) سورة البقرة : الآية ١٨٥ .
(١٠) كذا في النسخة والظاهر : حقله .
(١١) سورة الأعراف : الآية ١٩ .