الشيخ الأجل الإمام ناصر الدين محيي الإسلام أبي نصر عبد الرحيم بن الأستاذ الإمام زين الإسلام أبي القاسم القشيري أحسن الله عن الشريعة جزاءه فلم أسمع منه قط إلا ما يجب على كل مكلف علمه وتصحيح العقيدة به من علم الأصول وتنزيه الحق سبحانه وتعالى ونفي التشبيه عنه وإقماع الأباطيل والأضاليل وإظهار الحق والصدق حتى أسلم على يديه ببركة التوحيد والتنزيه من أنواع أهل الذمة عشرات ورجع إلى الحق وعلم الصدق من المبتدعة مئات ، وتبعه خلق غير محصور بحيث لم يستطع أحد ممن تقدم أو علماء العصر أن يشقوا غباره في مثل ذلك فخامرهم الحسد وعداوة الجهل وحملهم على الطعن فيه عدواناً وبهتاناً ثم تمادى بهم الجهل إلى اللعن الظاهر للإمام الشافعي قدس الله روحه وسائر أصحابه عجماً وعرباً .
وقائلوا ذلك شرذمة من ناشية أغبياء المجسمة ، وطائفة من أرذال الحشوية استغنوا من الإسلام بالاسم ومن العلم بالرسم وتبعهم سوقة لا نسب لهم ولا حسب وتظاهرت هذه اللعنة منهم في الأسواق ولم يستحسن أحد من أصحابه كثرهم الله دفع السفاهة بالسفاهة والسيئة بالسيئة ، ويجب على الناظر في أمور المسلمين من الذي قد انتشر في المشارق والمغارب علمه وعدله وأمره ونهيه ، الذي لطاعته نبأت صدور الأولياء والأعداء رغبة ورهبة ، نصرته ومدّ ضبعيه والشد على يديه وتقديم كلمته العليا وتدحيض كلمة أعدائه السفلى فالصبر في الصدمة الأولى وهذه الصدمة التي كانت قلوب أصحاب الشافعي كثرهم الله وغرة وغلة شغله بها منذ سنين فانقشع ذلك وانكشف في هذه الأيام المؤيدة المنصورة المؤبدة النظامية القوامية العالمية العادلية نصرها الله وأعلاها وقد وقف تمامه على الأمر الماضي المنصور منه فإن في شعبة من شعب عنايته ونصرته وكلمته للدين الذي مد أطراره كفاية وبلاغاً وعلى الغارس تعهد غراسه فضلاً وتعصباً في كل وقت . وكتب عزيزي بن عبد الملك في التاريخ حامداً لله ومصلياً على محمد النبي صلی الله عليه وعلی آله وصحبه وسلم وشرف وكرم (١) .
____________________
(١) تبيين كذب المفتري لابن عساكر : ص ٣١٠ ـ ٣١٨ .