إمامه أحمد . وبذلك جدد الفكرة السلفية الخاصة المتبلورة في الفكرة العثمانية التي تعتمد على التنقيص من شأن علي وإشاعة بغضه وعناده .
وبذلك نقض قواعد ما أرساه إمامه أحمد من مسألة التربيع وجعل علي ( عليه السلام ) رابع الخلفاء الراشدين ، وأن علياً كان أولى وأحق من خصومه .
ومن حسن الحظ إنه لم يتأثر بدعوته إلا القليل من تلامذته كابن القيم ( المتوفى عام ٧٥١ ) كيف وقد عصفت الرياح المدمرة على هذه البراعم التي أظهرها ، حيث قابل منهجه المحققون بالطعن والرد الشديدين ، فأفرد بعضهم في الوقيعة به تآليف حافلة ، وجاء البعض الآخر يزيف آراءه ومعتقداته في طي كتبه ، وقام ثالث يترجمه ويعرفه للملأ ببدعه وضلالاته .
وكفى في ذلك ما كتبه بعض معاصريه كالذهبي ، فإنه كتب رسالة مبسوطة إليه ينصحه ويعرفه بأنه ممن يرى القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينيه ، وأنه لم تسلم أحاديث الصحيحين من جانبه ثم خاطبه بقوله : « أما آن لك أن ترعوي ؟ أما حان لك أن تتوب وتنيب ؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل ؟ » (١) .
وهناك كلام للمقريزي يقول بعد الإشارة إلى اشتهار مذهب الأشعري وانتشاره في أمصار الإسلام : « إنه نسي غيره من المذاهب وجهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه . إلا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ـ رضي الله عنه ـ فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف لا يرون تأويل ما ورد من الصفات إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة ، اشتهر بدمشق وأعمالها تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني ، وتصدى للانتصار لمذهب السلف وبالغ في الرد على مذهب الأشاعرة وصدع بالنكيرة عليهم وعلى الرافضة وعلى الصوفية ، فافترق الناس فيه فريقان فريق يقتدي به
____________________
(١) تكملة السيف الصقيل : ص ١٩٠ ، ونقل قسماً من هذه الرسالة العزامي في الفرقان الذي طبع في مقدمة الأسماء والصفات للبيهقي ونقله العلامة الأميني في غديره : ج ٥ ص ٨٧ ـ ٨٩ .