قال ذلك لما قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف فقد كرر ذلك في تلك المواطن اهتماماً بشأن الكتاب العزيز ، والعترة الطاهرة (١) .
والإمعان في هذا الحديث الذي بلغ من التواتر حداً لا يدانيه حديث ، إلا حديث الغدير ، يقود الإنسان إلى الحكم بضلال من لم يستمسك بهما معاً ، فالمتمسكون بهما هم الفرقة الناجية ، والمتخلفون عنهما ، أو المتقدمون عليهما هم الهالكة .
وقد نقل الطبراني قوله (ص) في ذيل الحديث : « فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم » (٢) .
٢ ـ حديث السفينة
وهذا الحديث كالحديث السابق يعين على رفع الإبهام عن حديث « الافتراق » . روى الحاكم بسنده عن أبي ذر رضي الله عنه يقول ، وهو آخذ بباب الكعبة : « من عرفني فأنا من عرفني ، ومن أنكرني فأنا أبو ذر ، سمعت النبي يقول : ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم ، مثل سفينة نوح في قومه ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق » (٣) .
والمراد بتشبيههم عليهم السلام بسفينة نوح هو أن من لجأ إليهم في الدين فأخذ فروعه وأصوله عن أئمتهم ، نجا من عذاب النار ، ومن تخلف عنهم كمن آوى يوم الطوفان إلى جبل ليعصمه من أمر الله ، غير أن هذا غرق في الماء ، وهذا في الحميم .
قال ابن حجر : « ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم وعظمهم شكراً لنعمة مشرفهم ، وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم ، وهلك في مفاوز الطغيان » (٤) .
____________________
(١) راجع المراجعات ، المراجعة ٨ فقد نقله عن مواضع مختلفة .
(٢) الصواعق المحرقة باب وصية النبي بهم ص ١٣٥ .
(٣) المستدرك على الصحيحين ج ٣ ص ١٥١ .
(٤) لقد علق السيد
شرف الدين في مراجعاته على هذه العبارة تعليقاً لطيفاً وهو : قل لي لماذا لم يأخذ