إذن فمتى ظهرت هذه المذهبية التي نراها بأم أعيننا اليوم والتي تستثير الخصومات والجدل في كثير من أصقاع العالم الإسلامي بل تستثير التنافس والهرج في كثير من بقاع أوروبا حيث يقبل كثير من الأوروبيين على فهم الإسلام ويبدون رغبة في الانتساب إليه (١) ؟
وبعد أن يشير إلى مبدأ ظهور هذه الكلمة ( السلفية ) وسبب ذلك ، وكيف أنها استخدمت في ذلك الوقت للدعوة إلى السير على خطا المسلمين الأول في الالتزام بأصل الإسلام في مواجهة الموجة المادية الغربية التي اجتاحت البلاد الإسلامية في أوائل القرن العشرين ولكنها تحولت فيما بعد إلى لقب ، لقب به الوهابيون مذهبهم وهم يرون أنهم دون غيرهم من المسلمين على حق ، وأنهم دون غيرهم الأمناء على عقيدة السلف ، والمعبرون عن منهجهم في فهم الإسلام وتطبيقه ، وأما الآخرون فكفرة ضالون .
يقول بعد كل هذا تحت عنوان « التمذهب بالسلفية بدعة لم يكن من قبل » :
إذا عرف المسلم نفسه بأنه ينتمي إلى ذلك المذهب الذي يسمى اليوم بالسلفية فلا ريب أنّه مبتدع . . .
فالسلفي اليوم ، كل من تمسك بقائمة من الآراء الاجتهادية المعينة ودافع عنها وسفّه الخارجين عليها ونسبهم إلى الابتداع سواء منها ما يتعلق بالأمور الاعتقادية أو الأحكام الفقهية والسلوكية (٢) .
ثم أشار الأستاذ البوطي إلى الآثار الضارة اللاحقة بالأمة الإسلامية من جراء هذه البدعة ، وما يلازمها من عصبية مقيتة ومواقف متصلبة وعنيفة . وما أوجدت من مشاكل في الأوساط الإسلامية . . . وأشار ـ فيما أشار ـ إلى تهجم السلفيين على جماعة من المسلمين المجاهدين في سبيل الله لا لشيء إلا لأن السلفيين لا يرتضون بعض أعمالهم المباحة شرعاً .
____________________
(١) السلفية مرحلة زمنية : ص ٢٣٠ ـ ٢٣١ .
(٢) نفس المصدر : ص ٢٣٦ ـ ٢٣٧ .