رسول الله وامضوا وأنا شريككم » (١) .
وقد خلف هذا المنع في نفوس المسلمين أثراً خاصاً فعاد التحدث وكتابة الحديث وتدوينه أمراً منكراً لديهم وتركه أمراً مرغوباً فيه ، حتى إنّه بعد ما أصدر الخليفة عمر بن عبد العزيز الأمر الأكيد بضرورة تدوين الحديث ، كانت رواسب الحظر تحول دون القيام بما أمر به الخليفة فلم يكتب شيء من أحاديث النبي إلا صحائف غير منظمة ولا مرتبة إلى أن جاء عصر أبي جعفر المنصور فقام المحدثون بتدوينه سنة مائة وثلاثة وأربعين .
فإذا كان التحدث بسنة الرسول أمراً منكوراً في القرن الأول وأوليات القرن الثاني فكيف يحتمل أن يعرف أناس ينكرون نقل الحديث وإفشاءه باسم « أهل السنة » وعلى ذلك فلا نحتمل وجود هذه التسمية في تلك العصور وإنما حدثت تسمية أهل الحديث وتوصيفهم بأهل السنة بعدما شاع التحدث به وقام ثلة جليلة من المسلمين بجبر ما انكسر .
فعلى ضوء ذلك ، لا يصح احتكار هذا اللقب وتسمية طائفة خاصة به بل كل من يحترم حديث رسول الله وسنته ويعمل بها فهو من أهل السنة فالمسلمون سنيهم وشيعيّهم أشعريهم ومعتزليهم من غير استثناء طائفة واحدة كلهم أهل السنة أي مقتفون سنة رسول الله وأثره من قوله وفعله وتقريره . والشيعة أولى بهذا الوصف من غيرهم فإنهم لم يزالوا يحترمون سنة رسول الله منذ حياته إلى يومنا هذا فقد قام الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بتدوين أحاديثه كما قامت ثلة جليلة من خيار صحابة الإمام بتدوين الحديث إلى أن وصلت حلقات التأليف من عصر الإمام إلى عصر الأئمة الاثني عشر وبعدهم إلى أعصارنا هذه فدونوا سنة رسول الله المروية عن طرق أهل البيت وأئمتهم وما صح لديهم من طرق غيرهم . أفهل يصح بعد هذا احتكار الحنابلة لهذا اللقب وعدم السماح بإطلاقه على غيرهم ؟ والتقول بـ : نحن السنيون .
____________________
(١) طبقات ابن سعد : ج ٦ ص ٧ ، والمستدرك للحاكم : ج ١ ص ١٠٢ .