عن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) (١) فلم يكتب الحديث ولم يدون إلّا في عهد المنصور عام ١٤٣ كما سيوافيك بيانه .
وقد بلغت جسارة قريش إلى ساحة النبي الأقدس أن منعوا عبد الله بن عمرو عن الاهتمام بحديث النبي وكتابته قائلاً بأنه بشر يغضب (٢) . أي والله إنه بشر يرضى ويغضب ولكن لا يرضى ولا يغضب إلا من حق ولا يصدر إلا عنه .
إن الرزية الكبرى هي أن يمنع التحدث بحديث رسوله وكتابته وتدوينه ويحل محله التحدث عن العهد القديم والجديد وعن الأحاديث الإسرائيلية والمسيحية والمجوسية (٣) فتمتلیء الأذهان والصدور بالقصص الخرافية التي لا تمت إلى الإسلام بصلة ولا يصدقها العقل والمنطق كما سيمر عليك شرح تلك الفاجعة العظمى التي ألمت بالإسلام والمسلمين .
فلو صح ما نقل عن أبي هريرة من جمع ما كتبه الصحابة عن النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) في مكان واحد وحرقه بالنار ، لوجب على المسلمين كافة أن يجمعوا كل مصادر أحاديث الرسول ( صلی الله عليه وآله وسلم ) وعلى رأسها صحيح البخاري وصحيح مسلم وحرقها في مكان واحد وذلك اقتداء بالسلف الصالح ! ! ، وإذا صح فهل يبقى من الإسلام ما يرجع إليه في فهم القرآن الكريم وتمييز الحلال عن الحرام ؟ .
والذي أظنه ( وظن الألمعي صواب ) أن الذي منع من تدوين الحديث ونشره ومدارسته وكتابته بعد رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ، هو الذي منع كتابة الصحيفة يوم الخميس عند احتضار النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم )
____________________
(١) مستدرك الحاكم : ج ١ ص ١٠٢ و ١٠٤ .
(٢) المصدر نفسه .
(٣) وقد أذن عمر بن الخطاب لتميم الداري النصراني الذي استسلم عام ٩ من الهجرة أن يقص كما في كنز العمال ج ١ ص ٢٨١ فالتحدث بحديث رسول الله يكون ممنوعاً و « الداري » وأمثاله يكونون أحراراً في بث الأساطير والقصص المحرفة ؟ ! .