نواة لكثير من القصاصين والوضاعين الذين نسجوا على منوالهم ونقلوا كل ما سمعوه من غث وسمين باسم الدين ، ولأجل ذلك نجد كثيراً من كتب التفسير والتاريخ والحديث حتى ما يسمى بالصحاح والمسانيد ، مملوءة بالإسرائيليات والمسيحيات بل والمجوسيات .
يقول « جولد تسيهر » في هذا المضمار في كتابه « العقيدة والشريعة » : « هناك جمل أخذت من العهد القديم والعهد الجديد وأقوال للربانيين ، أو مأخوذة من الأناجيل الموضوعة وتعاليم من الفلسفة اليونانية ، وأقوال من حكم الفرس والهنود ، كل ذلك أخذ مكانه في الإسلام عن طريق الحديث ـ إلى أن قال ـ : ومن هذا الطريق تسرب كنز كبير من القصص الدينية حتى إذا ما نظرنا إلى الرواة المعدودة من الحديث ونظرنا إلى الأدب الديني اليهودي ، فإننا نستطيع أن نعثر على قسم كبير دخل الأدب الديني الإسلامي من هذه المصادر اليهودية » (١) .
نحن لا نصدق هذا المستشرق الحاقد على الإسلام في كل ما يقول ويقضي ، إلا أننا نوافقه في أن ما يؤثر عن أمثال كعب الأحبار ، ووهب بن منبه ، وتميم الداري ، وعبد الملك بن جريج وغيرهم ، من الإسرائيليات ، ليس من صلب الإسلام وحديثه . والعجب أن هذه الجماعة لم تتمكن من إخفاء نواياها السيئة ، فترى أن اليهودي منهم ينقل فضائل موسى ويرفعه فوق جميع الأنبياء ، كما أن النصراني منهم أخذ يرفع مقام المسيح ( عليه السلام ) على جميعهم ويصفه بالعصمة وحده دون غيرهم .
نعم ليس كل ما ورد في الشريعة الإسلامية ووافق التعاليم اليهودية والنصرانية ، مأخوذاً من كتبهم لأن الشرائع السماوية واحدة في جوهرها متحدة في أصولها ، وبينها مشتركات كثيرة والاختلاف إنما هو في الشرعة والمنهاج لا في الجوهر واللباب ، قال سبحانه : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) (٢) .
____________________
(١) العقيدة والشريعة في الإسلام تأليف المستشرق « جولد تسيهر » ترجمة الأساتذة الثلاثة .
(٢) سورة المائدة : الآية ٤٨ .