يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ)(١) أي بإمكان التأثير الحاصل من قبله تعالى.
وهذا هو معنى «الإذن» في التكوين ، حسب المصطلح القرآني ، مستفادا من قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٢).
وقد دأب القرآن على إسناد الأفعال الصادرة في عالم الوجود كلها إلى الله ، سواء أكان فاعلها فاعلا إراديا كالإنسان والحيوان ، أم غير إرادي كالشمس والقمر ، وليس ذلك إلّا من جهة أنه المؤثّر في تحقّق الأفعال مهما كانت ، اختيارية أم غير اختيارية. إنه تعالى هو الذي أقدر الأشياء على فعل الأفعال ، وأمدّهم بالقوى ، وأفاض عليهم الإقدار بصورة مستديمة.
قال تعالى : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ)(٣) أي انقلبت أهواؤهم وأبصارهم ، وهم الذين أوجبوا هذا القلب.
وهكذا قوله : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ)(٤) بدليل قوله تعالى : (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ. بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ)(٥).
قال تعالى : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ)(٦) أي تتقلّب أجسادهم ذات اليمين وذات الشمال ، غير أن هذا التقلّب كان بإذنه تعالى ؛ فصحّ إسناد الفعل
__________________
(١) الأعراف / ٥٨.
(٢) الإنسان / ٣٠.
(٣) الأنعام / ١١٠.
(٤) البقرة / ٧.
(٥) البقرة / ٨٨.
(٦) الكهف / ١٨.