من أشرك ، ولا مطلق النصارى بل يهود يثرب ممن عاصر نبي الإسلام ، ومشركو قريش ، ونصارى نجران ، وقيل : وفد النجاشي ذلك العهد ؛ لأنها حكاية عن أمّة ماضية أسلم من أسلم منهم ، وعاند من عاند.
فقد جاء تعقيب الآية بقوله : (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ، يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ. وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ. فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) ـ يعني بهم اليهود والمشركين ـ (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ)(١).
وهذا نظير قوله تعالى عن المخلّفين من الأعراب : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا)(٢) إشارة إلى خصوص من قعد عن الحرب أيام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكذا «الناس» في قوله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)(٣) حيث المراد بالناس الأول : هم المنافقون المرجفون من أهل المدينة ، والناس الثاني : هم مشركو قريش رهط أبي سفيان ، بعد هزيمتهم من أحد.
وهكذا قوله تعالى : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٤) المراد من عاصروا النبي من أهل
__________________
(١) المائدة / ٨٣ ـ ٨٦.
(٢) الفتح / ١١.
(٣) آل عمران / ١٧٣.
(٤) التوبة / ٩٧.