وأيضا قوله تعالى : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)(١). وإنما ينذر كل قوم بلسانهم (٢). وزاد السرخسي استدلال أبي حنيفة بما روى أن الفرس كتبوا إلى سلمان الفارسي ، أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية ، فكانوا يقرءون ذلك في صلاتهم حتى لانت ألسنتهم للعربية (٣).
أمّا صاحباه (أبو يوسف ومحمد) فقد أجازا قراءة الترجمة للعاجز عن العربية دون القادر عليها ، وبذلك أفتى الشيخ محمد بخيت مفتي الديار المصريّة في فتوى له لأهل الترانسفال ، قال فيها : «وتجوز القراءة والكتابة (أي للقرآن) بغير العربيّة للعاجز عنها ، بشرط أن لا يختل اللفظ ولا المعنى. فقد كان تاج المحدّثين الحسن البصري يقرأ القرآن في الصلاة بالفارسيّة! لعدم انطلاق لسانه باللّغة العربيّة» وقد أرسل بها إلى مسلمي الترانسفال سنة (١٩٠٣ م) ونشرتها مجلة المنار في ذلك الحين (٤).
وبقية المذاهب وافقوا الإماميّة في المنع إطلاقا ، فلا يجوز عندهم قراءة الفاتحة بغير العربيّة على كل حال (٥).
__________________
(١) الأنعام / ١٩.
(٢) راجع : المغني لابن قدامة ، ج ١ ، ص ٥٢٦. ومدارك الأحكام للعاملي ، ج ٣ ، ص ٣٤١. ورسالة ترجمة القرآن للمراغي ، ص ٩.
(٣) المبسوط للسرخسي ، ج ١ ، ص ٣٧. وفي رواية تاج الشريعة الحنفي زيادة «فكتب (بسم الله الرحمن الرحيم : بنام يزدان بخشاونده ...) وبعد ما كتب ذلك ، عرضه على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» (حاشية الهداية لتاج الشريعة ج ١ ، ص ٨٦. طبع دلهي ، ١٩١٥ م) ، معجم مصنفات القرآن لشواخ ، ج ٢ ، ص ١٢.
(٤) محمد فريد وجدي في الأدلّة العلمية ، ص ٦١.
(٥) راجع الفقه على المذاهب الأربعة ، ج ١ ، ص ٢٣٠.