(٢٣٠ ه. ق) أن يفسّر القرآن له ، أي يترجمه بالهندية. وعند إنجاز الطلب على يد كاتب قدير ، يقول المترجم : فانتهيت من التفسير إلى سورة (يس) حتى وصلت إلى الآية (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)(١). قال : فلمّا فسرت له هذا ـ أي ترجمته له باللغة السنسكرتية (الهندية القديمة) خرّ من سريره على الأرض واضعا خدّه عليها وهي مبتلّة ، فتأثر وجهه من بلّة الأرض ، وقال ـ باكيا ـ : «هذا هو الربّ المعبود ، والذي لا يشبه شيء». وكان قد أسلم سرّا ، فكان بعد ذلك يخلو بنفسه في بيت عزلة يعبد الله ويناجي ربه سرّا (٢).
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى أنّ كثيرا من الناس قاموا ـ في زعمهم ـ ينقل القرآن إلى لغات كثيرة وترجمات متعدّدة ، قد بلغت المآت في خمس وثلاثين لغة حيّة في العالم المتمدّن اليوم. وقد طبعت بعض هذه التراجم عدة طبعات بل عشرات الطبعات ، فقد طبعت الترجمة الإنجليزية التي قام بها (سيل) أكثر من أربعين مرّة. وهكذا بالنسبة إلى تراجم فرنسيّة وألمانيّة وإيطاليّة وفارسيّة وتركيّة وأورديّة وصينيّة وجاويّة ، إلى غيرها من لغات العالم الحيّة.
ومن هؤلاء المترجمين من يحمل عداء للإسلام والمسلمين عداوة ظاهرة ، ومنهم من تعوّزه كفاءة المقدرة على ترجمة تامة ، وافية بمعاني القرآن ، وهذا الأخير لا يقلّ ضرره عن الأوّل الذي يتعمّد الدسّ والتزوير. فمن هذا وذاك قد
__________________
(١) يس / ٧٨ ـ ٧٩.
(٢) المصدر نفسه وراجع كتاب (عجائب الهند) ، طبعة ليدن ١٨٨٣ م لمؤلفه بزرك. وكان عائشا حتى سنة (٣٣٩ ه. ق)