الشريعة ، التي بيّنها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طيلة حياته الكريمة. فكانت السنّة إلى جنب القرآن تفسيرا لمواضع إجماله ، وشارحة لمواضع إبهامه.
روى القرطبي بالإسناد إلى عمران بن حصين ، أنه قال لرجل ـ كان يزعم كفاية الكتاب عن السنّة ـ : إنك رجل أحمق ، أتجد الظهر في كتاب الله أربعا لا يجهر فيها بالقراءة! ثم عدّد عليه الصلاة والزكاة ونحو هذا. ثم قال : أتجد هذا في كتاب الله مفسّرا! إن كتاب الله تعالى أبهم هذا ، وإنّ السنّة تفسّر هذا.
وعن حسّان بن عطية قال : كان الوحي ينزل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويحضره جبرئيل بالسنّة التي تفسّر ذلك. وعن مكحول قال : «القرآن أحوج إلى السنّة من السنّة إلى القرآن» ، وقال يحيى بن أبي كثير : «السنّة قاضية على الكتاب وليس الكتاب بقاض على السنّة» ، قال الفضل بن زياد : سمعت أحمد بن حنبل ـ وسئل عن هذا الحديث الذي روي أن «السنّة قاضية على الكتاب» ـ فقال : ما أجسر على هذا أن أقوله ، ولكنّي أقول : إنّ السنّة تفسّر الكتاب وتبيّنه (١).
وبعد ، فإن تبيين مجملات القرآن ، من تفاصيل واردة في السنّة ، يمكن على وجوه :
الأوّل : ما ورد في القرآن بصورة تشريعات كليّة ، لا تفصيل فيها ولا تبيين عن شرائطها وأحكامها ، فهذا يجب طلب تفاصيلها من السنّة ، في أقوال الرسول وأفعاله وتقاريره ، كما في قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(٢) ، وقوله :
__________________
(١) تفسير القرطبي ـ المقدمة ـ ج ١ ، ص ٣٩.
(٢) البقرة / ٤٣.