(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(١) وما شابه ، من تكاليف عباديّة جاء تشريعها في القرآن بهذا الوجه الكلي. فلا بدّ لمعرفة أعداد الصلاة وركعاتها وأفعالها وأذكارها وسائر شروطها وأحكامها (٢) ، من مراجعة السنّة ، وفيها البيان الوافي بجميع هذه التفاصيل ، وهكذا مسألة الزكاة المفروضة والحج الواجب.
وهكذا ما جاء في مختلف أبواب المعاملات ، من قوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)(٣) فإن للبيع الجائز أنواعا ، وللربا أحكاما ، ينبغي طلبها من السنّة ، فهي التي تحدّد موضوع كل معاملة وتبيّن الشرائط التي فرضتها الشريعة في تفاصيل هذه المعاملات.
الوجه الثاني : عمومات ذوات تخصيص ، جاء العام في القرآن وكانت موارد تخصيصه في السنّة. وهكذا مطلقات ذوات تقييد ، جاء الإطلاق في القرآن وكان التقييد في السنّة. ولا شكّ أن التخصيص وكذا التقييد بيان للمراد الجدّي من العام وكذا من المطلق ، وهذا الذي دلّ عليه العام في ظاهر عمومه والمطلق في ظاهر إطلاقه ، إنما هو المعنى الاستعمالي المستند إلى الوضع أو دليل الحكمة. والذي يكشف عن الجدّ في المراد هو الخاصّ الوارد بعد ذلك ، وكذا القيد المتأخّر.
وهذا معروف في علم الأصول.
__________________
(١) آل عمران / ٩٧.
(٢) مثلا قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (النساء / ١٠٣) ما هذا الوقت المحدّد للصلاة؟ فقد أحيل بيان ذلك إلى السنّة. وهكذا بيان الأوقات الخمسة التي جاءت الإشارة إليها إجماليا في قوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ...) (الإسراء / ٧٨)
(٣) البقرة / ٢٧٥.