ومثال الأول قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(١) وهذا عام لمطلق المطلّقات. وفي السنّة تخصيص هذا الحكم بالمدخول بهنّ ، أما غير المدخول بهنّ فلا اعتداد لهنّ. وكذلك قوله ـ بعد ذلك ـ : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) مخصوص بالرجعيّات.
مثال الثاني : (تقييد المطلق) قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً)(٢) وقد تقيّد هذا الإطلاق بما إذا لم يتب ، وكان قد قتله لإيمانه ، كما رواه العياشي عن الإمام الصادق عليهالسلام (٣).
وقوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)(٤) ؛ إذ ليس المراد مطلق الظلم ، بل هو «الشرك» خاصّة. روي ذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٥) ، وهكذا فسّر اليد (في القطع بالسرقة (٦)) باليمين من مفصل الأصابع. ومثله جلد الزاني المتقيد بغير المحصن.
وأيضا قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ)(٧). فقد كان الميراث بعد إخراج ما أوصى به الميت وكذا دينه. فالدين مطلق ، أما الوصية فقيّدت بما إذا لم تتجاوز ثلث التركة بعد وضع الدين. فهذا التقييد تعرّضت له السنّة ، وكان
__________________
(١) البقرة / ٢٢٨.
(٢) النساء / ٩٣.
(٣) راجع : مجمع البيان للطبرسي ، ج ٣ ، ص ٩٢ ـ ٩٣. والعياشي ، ج ١ ، ص ٢٦٧.
(٤) الأنعام / ٨٢.
(٥) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٣٢٧.
(٦) الآية رقم ٣٨ من سورة المائدة.
(٧) النساء / ١٢.