قد أبهم في القرآن إبهاما.
الوجه الثالث : ما إذا ورد عنوان خاص في القرآن ، وكان متعلقا لتكليف ، أو قيدا في عبادة مثلا ، ولكنه كان مصطلحا شرعيا من غير أن يكون مفهومه العام مرادا ، فهذا أيضا مما يجب تبيينه من السنّة. وهذا في جميع المصطلحات الشرعية ـ أي الحقائق الشرعية على حدّ تعبيرهم ـ مما لم تكن لها سابقة في العرف العام.
وهذا كما في الصلاة والزكاة والحج والجهاد وما شاكل ، إنها مصطلحات شرعية خاصة ، (١) لا بدّ لمعرفة حقائقها وماهيّاتها من مراجعة الشريعة ، كما كان يجب الرجوع إليها لمعرفة أحكامها وشرائطها ؛ إذ ليست الصلاة مطلق الدعاء والمتابعة ـ كما هي في اللغة والعرف العام غير الإسلامي ـ بل عبادة خاصة ذات كيفية وأفعال وأذكار خاصة ، أعلن بها الشرع الحنيف ، وتصدّى لبيانه الرسول الكريم ، قال : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي».
وهكذا ليست الزكاة مطلق النموّ ، بل إنفاق خاصّ في كيفية خاصّة ، توجب تنمية المال بفضل الله تعالى إن وقعت عن صدق وإخلاص ، الأمر الذي جاء تبيينه في السنّة الشريفة. ومثلها الحج ليس مطلق القصد ، وكذا الجهاد ليس مطلق الاجتهاد والسعي ، وهكذا ..
وكذلك موضوع الخطأ والعمد في القتل ، تعرّضت السنّة لبيانهما ، وليس مطلق ما يفهم من هذين اللفظين لغة أو في المتفاهم العام ، فقد جاء في السنّة أن الخطأ محضا هو ما لم يكن المقتول مقصودا أصلا. أما إذا كان مقصودا ولكن
__________________
(١) المقصود بالشرع : مطلق الشرائع الإلهية وليس شرع الإسلام فحسب. نعم لم تكن هذه المفاهيم مما وضعه العرف العام ولا اللغة ، وإنما هو أمر جاء به الشرع في مصطلحه الخاص.