قال مسروق بن الأجدع الهمداني (١) : جالست أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجدتهم كالإخاذ ـ يعني الغدير من الماء ـ فالإخاذ يروي الرجل ، والإخاذ يروي الرجلين ، والإخاذ يروي العشرة ، والإخاذ يروي المائة ، والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم (٢).
وفي لفظ ابن الأثير : تكفي الإخاذة الراكب ، وتكفي الإخاذة الراكبين ، وتكفي الإخاذة الفئام من الناس. قال : والإخاذ ككتاب : مصنع للماء يجتمع فيه. والفئام : الجماعة الكثيرة (٣).
ويعني بالأخير (لأصدرهم) الإمام أمير المؤمنين ، عليه صلوات المصلّين ؛ حيث كان ـ سلام الله عليه ـ ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير. (٤) قال مسروق : «انتهى العلم إلى ثلاثة : عالم بالمدينة عليّ بن أبي طالب ، وعالم بالعراق عبد الله ابن مسعود ، وعالم بالشام أبي الدرداء ، فإذا التقوا سأل عالم الشّام وعالم العراق عالم المدينة وهو لم يسألهم» (٥).
قال الأستاذ محمد حسين الذهبي : الحق أن الصحابة كانوا يتفاوتون في القدرة على فهم القرآن وبيان معانيه المرادة منه ؛ وذلك راجع إلى اختلافهم في أدوات الفهم. فقد كانوا يتفاوتون في العلم بلغتهم ، فمنهم الواسع الاطلاع الملمّ بغريبها (كعبد الله بن عباس) ، ومنهم دون ذلك ، ومنهم من لازم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) كان من التابعين ، فقيه عابد. قال الشعبي : ما رأيت أطلب منه للعلم. كان معلّما ومقرئا ومفتيا. صحب عليا عليهالسلام ولم يتخلّف عن حروبه. توفّي سنة ٦٢ ، وله من العمر ٦٣ سنة.
(٢) التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ٣٦.
(٣) النهاية ، ج ١ ، ص ٢٨.
(٤) راجع : الخطبة الشقشقية من نهج البلاغة ، رقم ٣.
(٥) راجع : تاريخ دمشق لابن عساكر ، ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب ، ج ٣ ، ص ٥١ ، رقم ١٠٨٦.