رجلا من شيوخ الطائف ـ وقد ضعف ، فسلّمنا عليه وجلسنا ، فقال لي : يا عطاء ، من القوم؟ قلت : يا سيّدي ، هم شيوخ هذا البلد! منهم عبد الله بن سلمة بن حصرم الطائفي ، وعمّارة بن أبي الأجلح ، وثابت بن مالك. فما زلت أعدّ له واحدا بعد واحد. ثم تقدّموا إليه ، فقالوا : يا ابن عمّ رسول الله ، إنك رأيت رسول الله وسمعت منه ما سمعت ، فأخبرنا عن اختلاف هذه الأمّة ؛ فقوم قدّموا عليّا على غيره ، وقوم جعلوه بعد الثلاثة؟
قال عطاء : فتنفّس ابن عبّاس الصعداء ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «عليّ مع الحقّ والحقّ معه ، وهو الإمام والخليفة من بعدي ، فمن تمسّك به فاز ونجا ، ومن تخلّف عنه ضلّ وغوى ...» ، وأخيرا قال : وتمسّكوا بالعروة الوثقى من عترة نبيّكم ، فإني سمعته يقول : «من تمسّك بعترتي من بعدي كان من الفائزين».
قال عطاء : ثم بعد ما تفرّق القوم ، قال لي : يا عطاء ، خذ بيدي واحملني إلى صحن الدار ، فأخذنا بيده ، أنا وسعيد ، وحملناه إلى صحن الدار ، ثم رفع يديه إلى السماء ، وقال : «اللهمّ» ، إنّي أتقرّب إليك بمحمّد وآل محمّد ، اللهم إنّي أتقرّب إليك بولاية الشيخ ، عليّ بن أبي طالب عليهالسلام». فما زال يكرّرها حتى وقع إلى الأرض. فصبرنا عليه ساعة ثم أقمناه فإذا هو ميّت ، رحمة الله عليه (١).
وله في فضائل أهل البيت ولا سيّما الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أقوال وآثار باقية ، إلى جنب مواقفه الحاسمة.
ويكفيك أنه من رواة حديث الغدير الناصّ على ولاية عليّ بالأمر ، ومفسّرا
__________________
(١) كفاية الأثر ، ص ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، والبحار ، ج ٣٦ ، ص ٢٨٧ ـ ٢٨٨ ، رقم ١٠٩.