وقد حمل السيد ابن طاوس ـ في التحرير الطاوسي ـ ما ورد في جرحه بعد تضعيف الإسناد ـ على الحسد ، قد صدر من الحاسدين الحاقدين عليه ، قال : ومثل حبر الأمّة ـ رضوان الله عليه ـ موضع أن يحسده الناس وينافسوه ، ويقولوا فيه ويباهتوه.
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا فضله |
|
الناس أعداء له وخصوم |
كضرائر الحسناء قلن لوجهها |
|
حسدا وبغيا : إنه لدميم |
وقد بحث الأئمّة النقّاد عن روايات القدح ، ولا سيّما ما قيل بشأنه من الهروب ببيت مال البصرة ، وما ورد من التعنيف لفعله ذلك ، فاستخرجوا في نهاية المطاف من ذلك دلائل الوضع والاختلاق بشأن هذا العبد الصالح الموالي لآل بيت الرسول. نعم كان الرجل ممقوتا عند رجال السلطة الحاكمة ، لا سيّما وكان يجابههم بما يخشون صراحته وصرامته ، ومن ثمّ كان طاغية العرب معاوية الهاوية ، يلعنه ضمن النفر الخمسة الذين كان يلعنهم في قنوته (١) ، وكان ذلك من شدّة قنوطه من رحمة الله التي وسعت كل شيء ، أنّه من قوم غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور (٢).
وللمولى محمد تقي التستري ـ أدام الله فضله وألبسه ثوب العافية ـ تحقيق لطيف بشأن براءة الرجل من إلصاق هكذا تهم مفضوحة ، وأنّه لم يزل في خدمة المولى أمير المؤمنين عليهالسلام لم يبرح البصرة حتى قتل الإمام عليهالسلام. وكان من المحرّضين لبيعة الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام. وبعد أن تمّ الصلح اضطرّ إلى
__________________
(١) وهم : علي والحسن والحسين وابن عباس والأشتر. شرح النهج لابن أبي الحديد ، ج ١٥ ، ص ٩٨ وراجع : بحار الأنوار ، ج ٤٢ (ط بيروت) ص ١٧٦.
(٢) من الآية رقم ١٣ من سورة الممتحنة.