فالقرآن ، فيه مواعظ وآداب وتكاليف وأحكام ، يجب على المسلمين عامة المعرفة بها والعمل عليها ؛ لأنها دستور الشريعة العام. فهذا يجب تعليمه وتعلّمه ، ولا يعذر أحد بجهالته.
وفيه أيضا غريب اللغة ومشكلها ، مما يمكن فهمها وحلّ معضلها ، بمراجعة الفصيح من كلام العرب الأوائل ؛ لأن القرآن نزل بلغتهم ، وعلى أساليب كلامهم المعروف.
وفيه أيضا نكات ودقائق عن مسائل المبدأ والمعاد ، وعن فلسفة الوجود وأسرار الحياة ، لا يبلغ كنهها ولا يعرفها على حقيقتها غير أولي العلم ، ممن وقفوا على أصول المعارف ، وتمكّنوا من دلائل العقل والنقل الصحيح.
وبقي من المتشابه ما لا يعلمه إلا الله ، إن أريد به الحروف المقطعة في أوائل السور ؛ حيث هي رموز بين الله ورسوله ، لم يطلع الله عليها أحدا من العباد سوى النبي والصّفوة من آله ؛ علّمهم إياها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وإن أريد به ما سوى ذلك مما وقع متشابها من الآيات ، فإنه لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم ، وهم رسول الله والعلماء الذين استقوا من منهل عذبه الفرات ، لا سبيل إلى معرفتها عن غير طريق الوحي. فالعلم به خاصّ بالله ومن ارتضاه من صفوة خلقه.
وعلى ضوء هذا التقسيم الرباعي يمكننا الوقوف على مباني التفسير التي استندها ابن عباس في تفسيره العريض :
أوّلا ـ مراجعة ذات القرآن في فهم مراداته
إذ خير دليل على مراد أيّ متكلم ، هي القرائن اللفظية التي تحفّ كلامه ، والتي