وهو الذي كان يحفظ خطب الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام الرنّانة فور استماعها ، فكان راوية الإمام في خطبه وسائر مقالاته.
وكان ذوقه الأدبي الرفيع وثقافته اللغوية العالية ، هو الذي حدا به إلى استخدام هذه الأداة ببراعة ، حينما يفسّر القرآن ويشرح من غريب لفظه. كان يقول : الشعر ديوان العرب ، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن ، الذي أنزله الله بلغة العرب ، رجعنا إلى ديوانها ، فالتمسنا معرفة ذلك منه.
وأخرج ابن الأنباري من طريق عكرمة عن ابن عباس ، قال : إذا سألتموني عن غريب القرآن ، فالتمسوه في الشعر ، فإن الشعر ديوان العرب (١).
وأخرج الطبري من طريق سعيد بن جبير ـ في تفسير قوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٢) ـ عن ابن عباس ، وقد سئل عن (الحرج) ، قال : إذا تعاجم شيء من القرآن فانظروا في الشعر فإن الشعر عربيّ. ثم دعا أعرابيا فقال : ما الحرج؟ قال : الضيق. قال ابن عباس : صدقت (٣).
وكان إذا سئل عن القرآن ، في غريب ألفاظه ، أنشد فيه شعرا. قال أبو عبيد : يعني كان يستشهد به على التفسير.
قال ابن الأنباري : وقد جاء عن الصحابة والتابعين كثيرا ، الاحتجاج على غريب القرآن ومشكله بالشعر ، قال : وأنكر جماعة ـ لا علم لهم ـ على النحويّين ذلك ، وقالوا : إذا فعلتم ذلك جعلتم الشعر أصلا للقرآن. وليس الأمر كما زعموا ،
__________________
(١) الإتقان ، ج ٢ ، ص ٥٥.
(٢) الحج / ٧٨.
(٣) الطبري ، ج ١٧ ، ص ١٤٣.