يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به ، فأتياه وقالا : نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله ، فتفسّرها لنا ، وتأتينا بمصادقة من كلام العرب ، فإنّ الله إنما أنزل القرآن بلسان عربيّ مبين. قال ابن عباس : سلاني عمّا بدا لكما.
فسأله نافع عن قوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ)(١)؟ قال : العزون : الحلق الرقاق. قال نافع : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول :
فجاءوا يهرعون إليه حتّى |
|
يكونوا حول منبره عزينا |
قال الراغب : عزون ، واحدته عزة ، وأصله من : عزوته فاعتزى ، أي نسبته فانتسب.
وقال الطبرسي : عزون ، جماعات في تفرقة ، واحدتهم عزة. وإنما جمع بالواو والنون ؛ لأنه عوض ، مثل سنة وسنون. وأصل عزة عزوة من : عزاه يعزوه ، إذا أضافه إلى غيره. فكل جماعة من هذه الجماعات مضافة إلى الأخرى (٢).
وسأله عن قوله : (إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ)(٣)؟ قال : نضجه وبلاغه. واستشهد بقول الشاعر :
إذا مشت وسط النساء تأوّدت |
|
كما اهتزّ غصن ناعم النبت يانع (٤) |
وسأله عن (الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)(٥)؟ قال : السفينة الموقرة الممتلئة. واستشهد بقول ابن الأبرص :
__________________
(١) المعارج / ٣٧.
(٢) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٥٧.
(٣) الأنعام / ٩٩.
(٤) أود وتأوّد : اعوجّ وانحنى.
(٥) الشعراء / ١١٩.