روى أبو نعيم الأصبهاني بإسناده إلى خلف بن خليفة عن أبيه قال : شهدت مقتل سعيد بن جبير ، فلمّا بان رأسه ، قال : لا إله إلّا الله ، ثم قالها الثالثة فلم يتمّها (١).
وذكر ابن قتيبة : أنه أمر الحجاج فضربت عنقه ، فسقط رأسه إلى الأرض يتدحرج ، وهو يقول : لا إله إلّا الله ، فلم يزل كذلك ، حتى أمر الحجاج من يضع رجله على فيه ، فسكت.
ولم يدم الحجاج بعده غير سنة ، ولم يستطع إراقة دم بعد دمه الطاهر. وكان الحجاج عند ما حضره الموت يقول : ما لي ولسعيد بن جبير ، كان يقول ذلك وهو يغوص ثم يفيق. وكان يراه في المنام ، وقد أخذ بمجامع ثوبه يقول له : يا عدو الله ، فيم قتلتني؟ فيستيقظ مذعورا ، ويقول : ما لي ولسعيد. ذكر ذلك ابن خلكان في الوفيات.
مكانته العلمية : أخذ العلم عن عبد الله بن عباس ، وكان قد لازمه في طلب العلم ، فأجازه ابن عباس في التحديث. قال له : حدّث ، فقال ـ متحاشيا ـ : أحدّث وأنت هاهنا؟! ـ وفي رواية ـ وأنت موجود! فقال ابن عباس : أليس من نعم الله عليك أن تحدّث وأنا شاهد؟! فإن أصبت فذاك ، وإن أخطأت علّمتك.
قال أحمد بن حنبل : قتل الحجّاج سعيد بن جبير ، وما على وجه الأرض أحد إلّا وهو مفتقر إلى علمه! (٢). ورواه أبو نعيم عن عمرو بن ميمون عن أبيه.
وكان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول : أليس فيكم ابن أمّ
__________________
(١) حلية الأولياء ، ج ٤ ، ص ٢٩١.
(٢) ابن خلكان ، ج ٢ ، ص ٣٧١ ـ ٣٧٤. رقم ٢٦١. وراجع : الحلية ، ج ٤ ، ص ٢٧٣.