وفقيها ورعا ، وعالما كثير الحديث ، جيّد الحفظ متقنا.
قال الأعمش : إذا رأيت مجاهدا كأنه جمّال أو خربندج (١) ، فإذا نطق خرج من فيه اللؤلؤ (٢).
مكانته في التفسير : استفاضت شهادة العلماء بعلوّ مكانته في التفسير وثقته وأمانته وسعة علمه. وقد احتجّ بتفسيره الأئمّة النقاد والعلماء وأصحاب الحديث.
اتّهم بالأخذ من أهل الكتاب ، ولكن شدة نكير شيخه ابن عباس على الآخذين من أهل الكتاب ، يتنافى وهذه التهمة. والأرجح أنّ رجوعه إليهم كان في أمور لا تدخل في دائرة النهي الوارد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وربما كان لغرض التحقيق لا التقليد.
وكذلك اتّهم بأنه يفسّر القرآن برأيه ـ كان قد أعطى نفسه حرّية واسعة في التفسير العقلي ـ فقد روى ابنه عبد الوهاب أنّ رجلا قال لأبيه : أنت الذي تفسّر القرآن برأيك؟ فبكى أبي ثم قال : إنّي إذن لجريء ، لقد حملت التفسير عن بضعة عشر رجلا من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣).
قلت : وهذه التهمة يرجع سببها إلى الجوّ الحاكم آنذاك من التحاشي عن الخوض في معاني القرآن ، ولا سيّما المتشابهات ، غير أن شريعة العقل ترفض كل
__________________
(١) ضلّ حماره فهو مهتمّ.
(٢) راجع : ترجمته في الطبقات لابن سعد ، ج ٥ ، ص ٣٤٣ ـ ٣٤٤ وتهذيب التهذيب لابن حجر ، ج ١٠ ص ٤٣ ـ ٤٤. وميزان الاعتدال للذهبي ، ج ٣ ، ص ٤٣٩. ومقدمة ابن تيميّة في أصول التفسير ، ص ٤٨. والجرح والتعديل للرازي ، ج ٨ ، ص ٣١٩.
(٣) التفسير والمفسّرون ، ج ١ ، ص ١٠٧.