السادس ـ : مجاهد گفت : معنى آن است «اذلّاء صاغرين» ذليل ومهين. ودر اين عظمتى وعبرتى است آنان را .. (١).
قال الإمام الرازي (٥٤٤ ـ ٦٠٦) : إنّ ما ذكره مجاهد ـ رحمهالله ـ غير مستبعد جدّا ، لأن الإنسان إذا أصرّ على جهالته بعد ظهور الآيات وجلاء البينات ، فقد يقال ـ في العرف الظاهر ـ : إنه حمار وقرد. وإذا كان هذا المجاز من المجازات الظاهرة المشهورة ، لم يكن في المصير إليه محذور البتة (٢).
قلت : ويشهد لهذا التأويل قوله تعالى ـ في سورة المائدة ـ : (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ، أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)(٣).
بدليل عطف «وعبد الطاغوت» ، وكذا عطف «الخنازير». وهذان لم يأت ذكرهما في سائر القرآن ؛ فيكون المعنى : أن من شديد العقوبة أن يتحول الإنسان من شموخ كرامته واعتلاء شرفه ، إلى سافل مبتذل يحمل سمات القردة والخنازير ، مهانا لئيما ، يرضخ للطواغيت رضوخ الذليل الحقير.
وعند تفسير قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(٤) ، روى وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد ، قال : تنتظر الثواب من ربّها. وعن الأعمش عنه : «تنتظر رزقه وفضله». وفي حديث : «تنتظر من ربها ما أمر لها». قال
__________________
(١) تفسير أبي الفتوح ، ج ١ ، ص ٢١٧.
(٢) التفسير الكبير ، ج ٣ ، ص ١١١.
(٣) المائدة / ٦٠.
(٤) القيامة / ٢٣.