وإذا نظرت إليك من ملك |
|
والبحر دونك زدتني نعما |
وسمعت سرويّة مستجدية بمكة وقت الظهر ، حين يغلق الناس أبوابهم ويأوون إلى مقائلهم ، تقول : عيينتي نويظرة إلى الله وإليكم.
والمعنى : أنهم لا يتوقّعون النعمة والكرامة إلّا من ربّهم ، كما كانوا في الدنيا لا يخشون ولا يرجعون إلّا إيّاه (١).
وعلّق عليه ابن المنير ـ في الهامش ـ بأنّ عدم كونه تعالى منظورا إليه ، مبنيّ على مذهب المعتزلة ، وهو عدم جواز رؤيته تعالى. ومذهب أهل السنّة جوازها!!
وقال الفخر : اعلم أن جمهور أهل السنّة يتمسّكون بهذه الآية في إثبات أن المؤمنين يرون الله تعالى يوم القيامة. أما المعتزلة فأنكروا دلالة الآية على ذلك أولا ، وإمكان تأويلها على الفرض ثانيا ؛ حيث الرؤية تمتنع عليه تعالى عقلا ونقلا قطعيا ، الأمر الذي لا يختلف في هذه الحياة أم في الآخرة (٢).
أمّا المفسرون من علمائنا الإمامية فإنهم مطبقون على امتناع الرؤية مطلقا ، وليس في الآية دلالة صريحة على ذلك ، مع شيوع استعمال النظر في التّوقّع والانتظار.
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رضى الله عنه : معناه ، منتظرة نعمة ربّها وثوابه أن يصل إليهم. ويكون النظر بمعنى الانتظار ، كما قال تعالى : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)(٣) ، أي منتظرة. وقال الشاعر :
وجوه يوم بدر ناظرات |
|
إلى الرحمن يأتي بالفلاح |
__________________
(١) الكشاف ، ج ٤ ، ص ٦٦٢.
(٢) التفسير الكبير ، ج ٣٠ ، ص ٢٢٦.
(٣) النمل / ٣٥.