على ركبته ، وبكى حتى جرت دموعه على خدّ الإمام ، وعند ذلك استوى الإمام جالسا ، وقال : من الذي أشغلني عن ذكر ربّي؟! فقال : أنا طاوس يا ابن رسول الله ، ما هذا الجزع والفزع؟! (١). وأيضا موقفه الآخر مع الإمام في الحجر (٢) ، مما يدلّ على اختصاصه به وشدّة قربه منه عليهالسلام. واليمانيّون ـ ولا سيّما همدان ـ معروفون بالولاء ، وإن كانت النسبة بالولاء.
وهكذا كان يوم موته سنة (١٠٦) أيضا يوما مشهودا ، وقد وضع عبد الله بن الحسن المثنّى سريره على كاهله ، وقد سقطت قلنسوته ومزّق رداؤه ، من كثرة الزحام (٣).
كما أن له مع طواغيت زمانه مواقف حاسمة ، إنما تدل على صلابته في جنب الله :
قال ابن خلكان : قدم هشام بن عبد الملك حاجّا إلى بيت الله الحرام ، فلما دخل الحرم قال : آتوني برجل من الصحابة ، فقيل له : قد تفانوا. قال : فمن التابعين ، فأتي بطاوس اليماني. فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ، ولم يسلّم بإمرة المؤمنين ، ولم يكنّه ، وجلس إلى جانبه بغير إذنه ، وقال : كيف أنت يا هشام؟
فغضب هشام من ذلك غضبا شديدا وهمّ بقتله ، فقيل له : أنت في الحرم ، لا يمكن ذلك.
فقال : يا طاوس ، ما حملك على ما صنعت؟ قال : وما صنعت؟ فاشتدّ غضبه
__________________
(١) المناقب ، ج ٤ ، ص ١٥١. والبحار ، ج ٤٦ ، ص ٨٢.
(٢) الإرشاد للمفيد ، ص ٢٧٣. والبحار ، ج ٤٦ ، ص ٧٦.
(٣) ابن خلكان ، ج ٢ ، ص ٥٠٩ رقم ٣٠٦.