وغيظه ، وقال : خلعت نعليك بحاشية بساطي ، ولم تسلّم بإمرة المؤمنين ، ولم تكنّني ، وجلست بإزائي بغير إذني ، وقلت : يا هشام ، كيف انت؟!
قال : أمّا خلع نعليّ بحاشية بساطك ، فإني أخلعهما بين يديّ ربّ العزّة كل يوم خمس مرّات ، فلا يعاتبني ولا يغضب عليّ. وأما ما قلت : لم تسلّم عليّ بإمرة المؤمنين ، فليس كل المؤمنين راضين بإمرتك ، فخفت أن أكون كاذبا. وأما ما قلت : لم تكنّني ، فإن الله عزوجل سمّى أنبياءه ، قال : يا داود ، يا يحيى ، يا عيسى. وكنّى أعداءه فقال : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ). وأما قولك : جلست بإزائي ، فإني سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام يقول : «إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار ، فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام».
فقال له هشام : عظني! قال : إني سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «إن في جهنّم حيّات كالقلال ، وعقارب كالبغال ، تلدغ كلّ أمير لا يعدل في رعيّته» ، ثم قام وخرج (١).
انظر كيف يكرّر لفظ «أمير المؤمنين» يعني به عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في حين امتناعه من التسليم عليه بذلك ، بحجة أنّ في المؤمنين ـ ويعني أمثال نفسه ـ من لا يرضى بإمرته! إن هذا إلّا تربية أهل الولاء لآل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم دون غيرهم إطلاقا.
وروى ابن خلكان بشأن ابنه عبد الله ما يشبه صلابة أبيه في الدين ، قال : وروي أن أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور ، استدعى عبد الله بن طاوس ومالك ابن أنس ، فأحضرهما. فلمّا دخلا عليه أطرق المنصور ساعة ، ثم التفت إلى ابن
__________________
(١) ابن خلكان ، ج ٢ ، ص ٥١٠.